الخميس، سبتمبر 27، 2012

عن مهنة الصحافة والأرزقية


الناس بتفرح بينا كصحفيين ، فاكرة يا ما هنا يا ما هناك..متعرفش ان الحقيقة إننا احنا اللى محتاجينهم عشان نثبت كل لحظة أن وجودنا له لازمة ، وأن فى مننا حياتهم مبنية بشكل ما على حياة البشر وحكاويهم ، وقصصهم المليانة بالتفاصيل اللى بتبهرنا ، وبتملى خيالنا ، أحنا والله غلابة قووى ومش تواضع ولا انكار ذات ، أغلبنا فعلاَ أرزقية ، وزيه زى اللى بياخد على كتفة حبة الملبس ويلف بيهم عشان يطلع برزقه فى اليوم، أحنا كدة برضه ، وربنا بيرزقنا الحمد لله ،محدش يفتكر أن الصحفيين دول ياما هنا يا ما هناك..فى ناس أتحولوا كدة مع الوقت ، لإن معاملة الناس ليهم غرتهم بأنفسهم ، بس كمان فى ناس لسة محافظة على حبة البياض اللى جواها ، وبتحاول تتغلب على مغريات ، انا واحدة من الناس اللى مصدقة أن المهنة دى فيها المحترمين كتير بس مش ظاهريين ، وأن الفرصة الحقيقة للصحفيين النضاف ، المؤمنين بأن الإنتصار الحقيقى للصحفى من الحكايات "العادية" والبسيطة من الناس، ويمكن يكون صحفى 
"علاقاته" بتوصله بالرئيس والسلطة ، لكن مش هو ده المعيار الحقيقى.

الجمعة، سبتمبر 21، 2012

"البحر بداخلى"..صراع "القتل الرحيم" الذى يخلقه "خافير باردام"



الكتابة عن فيلم "البحر بداخلى" للممثل القدير خافير بردام الأسبانى الأصل لا تخلو من المخاطرة ، إذ أن الفيلم يحوى إبداعاً وتشويقاً يؤثر على كل النقاد ، الفيلم يبدو فى بدايته فيلماً بسيطاً يتناول حياة رجل قعيد مشلول أسير غرفته وسريره ، وقد قضى بينها أكثر من عشرين عاماً إثر حادثة فى البحر أفقدته الإحساس بأطراف جسده ، لكن سرعان ما يتلاشى الإحساس ببساطة الفيلم ، لتدرك أنك أمام عقدة سينمائية فريدة من نوعها ، ربما لا تصل معها إلى التعاطف مع أى من الأطراف فيها ، وتعيش داخل حالة جدل مصبوغة بإبداع الأداء التمثيلى لشخصية الفيلم "رامون"..

فكرة الفيلم الرئيسية عن "القتل الرحيم" ، وهو تعبير طبى يرمز إلى وفاة الشخص الميئوس من علاجه بناءاً على طلب من المريض نفسه ، "رامون" لجأ إلى القضاء فى بلده لكى تسمح له السلطات بأن يتخلص من حياته ، بعد يأسه وبؤسه فى العلاج ، بالإضافة لشعوره المؤلم بأنه أصبح عالة على عائلة أخيه وابنه وزجة أخيه ، ووالده القعيد ، لكن "رامون" استطاع ان يغير من شخصيات حوله ، مثل ابن اخيه ، بعد أن أوصل إليه معانٍ لم يدركها وهو فى سن المراهقة ، كما ساعد "روز" الفتاة البائسة التى جاءت تزوره بعد أن تركها زوجها، وهى نفس الفتاة التى أحبته حبا شديداَ ، "جوليا" المحامية المتحمسة والتى قرريت التقرب من "رامون" من أجل إبعاده عن فكرة القتل الرحيم ، أيضاً تغيرت ، بعد ان تعرضت لحادث جعلها مشلولة وأسيرة كرسى متحرك ، تعاطفت معه وفهمت لماذا يرى الحياة سوداء يجب أن يضع نهاية لها ، لكنها فقدت ذاكرتها فى نهاية الفيلم ، وكأنه عقاب إلاهى لها بعد أن وعدت "رامون" بتنفيذ القتل الرحيم له ، ثم تخلت عنه بعدما طبعت كتابا عن قصته وتركته وحيداً، الكتاب الذى كتبه بفمه لإنه لا يملك غيره للحركة..

خافيير باردام..أو "رامون" فى الفيلم ..أبدع فى أدائه ، فهو أبكانى وأضحكنى وأثر فى كثيراَ وهو يمثل على سريره، طوال الفيلم، تخلى فيها عن أدوات الممثل من الحركة والأطراف ، وارتكز فقط على موهبته وبالتحديد وجهه ، الذى لعب المكياج فيها دوراً كبيراً ، فـ"جافير بردام" المعروف بوسامته ، تخلى عنها هى الأخرى وأدى دور الرجل المسن ، ليؤديه ببراعة وليثبت لأقرانه من الممثليين أن الإبداع ليس له حدود.

مرة أخرى ، الفيلم يصنع للمشاهد حيرة لميس سهلً الخروج منها ، وهى قبول القتل الرحيم ، المحكمة رفضت دعوته ، ورفضت حتى الإستماع إليه كصاحب القضية لإن "النظام" لديهم لا يسمح بذلك ،ولإن الدولة التى تحترم الحرية الفردية للأشخاص ، ترفض تنفيذ مطلبه لإنه "مضر بالمجتمع" ، فقرر رامون التخلى عن حياته بطريقة مبتكرة ، قرر أن يصور فيديو وكأنه يتحدى المحلفيين فى المحكمة ، وهو يتناول سيانيد البوتاسيوم القاتل ، ووجه رسالهة لوم لكل من رفض التعامل مع قضيته ، ذاهباً إلى حياة أخرى يشتاق فيها للبحر الذى يوجد بداخله ، ويشتاق له يومياً ، الفيلم استحق ترشيحات عديدة أهمها جائزة أفضل مكياج فى الأوسكار، غير أنه نال جائزة أفضل فيلم أجنبى فى أوسكار لعام 2005 .

بقلم : يسرا سلامة

الاثنين، سبتمبر 17، 2012

مقالات في الإلحــــــاد..مقال 2


مقالات في الإلحــــــاد ... اللقاء الثاني: الإلحاد أم الدين، أيهما بدأ أولاً؟ ، وما هي أركان

الفكر الإلحادي؟

بسم الله الرحمن الرحيم
  • قبل أن نبدأ،ـ
تلقيت بسعادة تعليقات وردود قراء المقال الأول، وسأعرض أهمها سريعاً مع تعقيب مختصر،
البسملة التي أبدا بها المقال يمكن إعتبارها جزء من الثقافة الشرقية أكثر منها كشف عن مرجعية إسلامية، فحتى غير المسلمين من الأجانب والمقيمين في دولٍ عربية كثيراً ما يستخدمون عبارات مثل "إن شاء الله" و " الحمد لله".ـ

البعض قال إن ذكري لأسماء من تأثرت بهم من الأساتذة والشيوخ دليلٌ على المرجعية الإسلامية والتي حتماً ستظهر في المقال. أحب أن أوضح أني قرأت وإقتنعت بطرح هؤلاء كما اقتنعت بغيرهم من غير المسلمين ولعل من ذكرت هم أناسٌ جمعتني الظروف بلقاء ثلاثة منهم عن قرب، ولكن هذا لا يعني أن هناك ممن قرأت لهم ولم ألتق بهم كان له أثرٌ كبير في تفكيري، أمثال السير/ أنتوني فلو ¹، الذي تحول من الإلحاد إلى الربوبية بعد 60 سنة قضاها في وضع كتب ونظريات ساهمت كثيراً في كتابات الملحدين، ولعله صاحب الفضل في إلقاء الكرة في ملعب المؤمنين بأن عليهم إثبات وجود الإله!، بعد أن كان عبء إنكار وجوده على الملحدين لقرنين من الزمان! ، ورغم هذا أنكر أحد القراء علم الرجل لمجرد أنه تراجع عن إلحاده. وقد كتب قبل وفاته كتاباً يعرض فيه لتجربته من الإلحاد إلى الربوبية إسمه "هناك إله". There is A God ²

عالمٌ آخر هو العالم الأمريكي الشهير فرانسيس كولين³ رئيس مشروع الجينوم البشري، وله كتاب شهير بإسم "لغة الإله"⁴ ، ويشغل حالياً منصب عميد معهد الدراسات العلمية بالفاتيكان. فهو بالتأكيد غير مسلم!
ولعل البعض سيتفاجأ أني قد أستشهد بما كتبه تشارلز دارون وستيفين هوكنج في كتاباتهم، ولكننا سنعرض لهذا في حينه.
نقطة أخرى أثارها بعض القراء، وهي مصطلح الإلحاد، كونه ترجمةٌ غير دقيقة للكلمة الإنجليزية
Atheism
،(A)فالكلمة حرفياً تعني "اللادينية" وليس الإلحاد، فحرف الـ
 والذي يوضع قبل بعد الكلمات الإنجليزية يفيد النفي، وكلمة
Theism
ترتبط بالأديان، فمن أين جاء لفظ "الإلحاد
الإلحاد في اللغة هو الميل عن القصد. (لسان العرب، مادة لحد). ⁵
وكلمة إلحاد إصطلاحاً هي وصف للموقف الفكري الذي لايؤمن بوجود إله واعي ذكي ومتصف بالقدرة والعلم والإرادة المطلقة (إله أو آلهة).

سؤال: لماذا لا تُستخدم كلمة "لاديني" بدلاً من "ملحد"؟

اللادينية ⁶ هي إنكار وجود الأديان، سواء سماوية أو أرضية، وهي تشمل الربوبيون (من يؤمنون بإله دون دين)، واللاأدرية، ومن أنكروا وجود الإله. وعليه فهو مصطلح يحمل في طياته معاني كثيرة، وإن كان ولابد من وجود بديل للفظ "إلحاد" في اللغة العربية، فيمكن أن يكون "اللاربوبية"، وهي إنكار وجود الإله، ولكن تبقى كلمة "إلحاد" هي الأكثر شيوعاً حتى بين الملحدين العرب أنفسهم!
فاللادينية مصطلح عام، والإلحاد خاص بمن ينكرون وجود الإله، فكل ملحد هو لاديني بالضرورة، ولكن العكس غير صحيح، فالربوبي الذي يؤمن بإله خالق، دون أن يتواصل معه بأي دين، هو لاديني، ولكنه ليس ملحد، والجدير بالذكر هنا أن السير/ أنتوني فلو، قد مات وهو ربوبي، ولكنه رفض الأديان السماوية كوسيلة تواصل بيننا وبين الإله، وإن كان قال قبل وفاته أنه في إنتظار أن يسمع صوت هذا الإله ويتواصل معه!

يبقى سؤال مثير نوعاً ما: هل وجود الإله شرط في البناء الفكري لجميع الأديان؟، بمعنى آخر: هل يوجد دين دون وجود إله؟ .. سنعرف هذا لاحقاً!

والآن إلى اللقاء الثاني، وسأحاول أن أكون مختصراً قدر الإمكان في هذه السلسلة.
==========================================

اللقاء الثاني: الإلحاد أم الدين، أيهما بدأ أولاً؟ ، وما هي أركان الفكر الإلحادي؟ 

تذكر كارين أرمسترونج في كتابها "تاريخ الإله" أن البداية الحقيقية للمنهج الإلحادي كفكر له أركان وفلسفة واضحة كانت مع نهايات القرن السابع عشر حتى القرن التاسع عشر⁷، وهي الفترة التي شهدت إنحسار لدور الدين متمثلاً في الكنيسة الغربية أمام صعود سريع لتيار العلم الحديث والتطور التكنولوجي. فهذه الفترة من التاريخ شهدت ميلاد عقول بشرية مؤثرة أمثال كارل ماركس (إقتصاد وسياسة)، و تشارلز دارون (علوم)، وفريدريك نيتشه (فلسفة)، و سيجموند فرويد (طب نفسي)، وغيرهم ممن حاولوا وضع تفسيرات علمية للظواهر الإجتماعية والعلمية والنفسية الإقتصادية، بحيث تستغني عن وجود الإله!ـ

لماذا كان هذا الإتجاه؟ الأغلب أن الموقف الذي إتخذته الكنيسة الكاثوليكية ضد معارضيها بدءاً من إنشاء لجنة لمحاربة الهرطقة في 1184م ⁸ حيث كانت تحرق من تتهمه بالهرطقة (تعبير يصف أي مبتدع في الدين بما يخالف أصل الدين كما تفهمها الكنيسة)، مروراً بالحروب الصليبية والضحايا البشرية الكبيرة التي وقعت بإسم الرب، ثم خلافاتها الشهيرة مع العلماء أمثال جاليليو وكوبرنيكوس، ممن كانت لهم إجتهادات علمية رأت الكنيسة أنها تناقض ما ورد في الكتاب المقدس.

ما الذي حدث بإختصار؟
لاحظ الإنسان ظواهر الحياة من مرض وزلازل وموت، وظواهر فلكية كدوران الشمس والقمر، وغيرها، وبحث عن تفسير لها.
قدم الدين – متمثلاً في الكنيسة الكاثوليكية – تفسيراً دينياً وغيبياً لهذه الظواهر يربطها بالإله، فهو يرسل الأمراض عقاباً لمن عصاه، ويصيب الخطاة بالزلازل والبراكين.
قدم الكتاب المقدس تصوراً عن الأرض بأنها ثابتة وهي مركز للكون، وأن خلق الكون حدث سنة 4004 قبل الميلاد، وهاجمت الكنيسة أي معارض أو مشكك لهذا التصور.
وفي المقابل بدأ العلماء في البحث ومحاولة فهم الكون والحياة ووضع تفسيرات "علمية" لها، وهنا ظهرت فكرة "إله سد الفجوات"، وهي بإختصار شديد: وضع "الإله" كسبب لأي ظاهرة يعجز العلم عن تفسيرها، وعندما يقدم العلم تفسيراً لها، نحذف الإله ونضع العلم، وهكذا حتى يأتي اليوم الذي لا يبقى وجود لـ "الإله" ليملأ أي "فجوة" علمية. ⁹

برجاء ملاحظة أن التفسير الغيبي الديني كان يجاوب في معظمه على سؤال "لماذا"، في حين أن التفسير العلمي حاول الإجابة عن سؤال "كيف".. وهذا فارق جوهري بين العلم والدين أو الفلسفة، ففكرة الغائية "لماذا" لا مجال للعلم فيها.. فمهمة العلم الحديث هي البحث عن الآلية "كيف"، وليس فهم العلّية "لماذا"..، ولكن على الرغم من هذا، تم وضع العلم مقابل فكرة الإله، فكان أي فهم لكيفية حدوث ظاهرة ما، وحتى التحكم فيها، يساوي عند البعض الإستغناء عن الدين! في حين أن فهم الكيفية لا يفسر الغائية؟!، ففهمي لكيفية حركة يدي (إرسال المخ لإشارات عصبية تصل لعضلات اليد بتتابع معين فتنقبض بشكل خاص، لا علاقة له بـ "لماذا فعلت هذا؟" هل لأضرب إنسان أم أرفع الأذى عنه؟.

المهم، مع تتابع الإكتشافات العلمية، والتي أثبتت خطأ التفسير الديني عندما حاول الإجابة عن الكيفية بتفسير بدا ساذجاً في معظمه، عندما حدث هذا فقد الناس إيمانهم بمن يمثل الدين (المفسرون)، ثم بالدين نفسه ثم بالإله!، حيث قدم العلم رؤية مترابطة ومدعّمة بالأدلة لفهم أفضل لكيفية عمل الكون والحياة، وبالتالي إنتفت الحاجة لوجود الإله، فالأمراض تحدث بسبب الجراثيم، وبحث العلم عن علاج لها ونجح، والزلازل تحدث لأسباب جيولوجية، نجح العلم في تفسيرها وفهمها، والتعامل إلى حدٍ ما مع آثارها،
ولكن العلم لم يقدم أجوبة للأسئلة الغائية أو العلّية "لماذا يحدث هذا؟".

وفي المقابل، إعتقد البعض، مثل الشاعر وليام بليك (1757-1827م) أن الدين كان سبباً في شقاء البشرية، وأنه سنّ قوانين لا تتماشى مع الطبيعة الإنسانية، وأفقد الإنسان حريته في تغيير الواقع (حيث أن كل ما يحدث هو بإرادة الإله وإختياره، فلا مفر منه!).10

وبدأ العلماء في وضع تفسير لنشأة الدين، فقال الفيلسوف الألماني شوبنهاور (1788-1860م) أن الدين صناعة بشرية لتفسير الظواهر المجهولة، ولتنظيم حياة مجموعة بشرية كيفما يرى مؤسس هذا الدين. 11
وقال الفيلسوف نيتشه كلمته الشهيرة "لقد مات الإله"! ، وإعتبر كارل ماركس أن الدين أفيون الشعوب، فهو يخدر البسطاء بأن الإله يريد لحياتهم أن تسير كما هي، وسيعوضهم في الآخرة، فما الداعي للعمل. 12

بينما قال الطبيب الشهير فرويد أن البشرية إحتاجت في طفولتها لما أسماه وهم الدين، كمحاولة من اللاوعي للوصول إلى الكمال في شخصية أبوية خارقة وكاملة ومطلقة، فكان الإله! 13

وسواء إتفقنا أم إختلفنا مع هذا الطرح، فالواضح من كلام هؤلاء أن نشأة الدين سابقة على ظهور الإلحاد!، وعندما نقول "الدين" فنعني أي منظومة دينية كما أسلفنا، فعبادة الكواكب أو الشمس، أو عبادة مئات الآلهة التي تتصارع، أو حتى عبادة أوثان من حجر، فهذا أو ذاك هو دين، ولا يمكن وصفه بالإلحاد بمعنى إنكار وجود إله؟
فكيف إذاً نشأ الدين؟

نشــــأة الديـــن 14 
هناك فكرتان رئيسيتان:
1)  فكرة التطور (من الأدنى للأعلى)ـ
  • تطور بشكل فردي (مفهوم ديني يناسب كل فرد)ـ
  • تطور بشكل جمعي (مفهوم ديني تتفق عليه مجموعة بشرية)ـ
2)  فكرة الوحي الأول (من الأعلى للأدنى) ـ

وباختصار، فأنصار نظرية تطور الأديان يرون أنه كما فسّر التطور البيولوجي نشوء الحياة والإنسان، فالتطور الإجتماعي يفسر نشوء الدين كظاهرة إجتماعية، سواء كان خاصاً بفهم كل فرد، أو إتفاق مجموعة بشرية على نمط من العبادات والطقوس.
أما أنصار نظرية الوحي الأول، فيعتمدون على فكرة "فطرة الإله"،ثم الوحي الإلهي، حيث أن هناك نزعة بشرية لعبادة كائن أسمى كليّ القدرة وكليّ العلم، ويرى أصحاب هذه النظرية أن الدارس لجميع الأديان حتى أقدمها في الظهور، يرى أن بها تعقيداً وتشابكاً لا يتفق إطلاقاً مع العقلية البدائية! وأن بها آراء لم تتكون إلا بعد تطور طويل وعميق.

فالدين حسب النظرية الأولى (التطور) هو صناعة بشرية، سواء كانت جمعية أو فردية. أما في النظرية الثانية، فهومنحة إلهية منفصلة عن الإنسان، زرعت فيه فطرة البحث عنه، وألهمته السبيل لذلك.

وينبغي ملاحظة أن أغلب الحضارات لم تخلو من معابد ومقابر! وكأن الإنسان الأول كان منشغلاً بهذا الإله؛ يحاول التقرب إليه، ويستعد للقائه في العالم الآخر!

وعليه، فنشأة الدين سحيقة وقديمة، بينما ظهر الإلحاد كمنهج فكري يقوم على إنكار وجود الإله، ظهر متأخراً جداً على مسرح التاريخ الفكري البشري.
فحتى رمز الشر في الأديان الإبراهيمية؛ إبليس أو الشيطان، لم يكن ملحداً! فهو لم ينكر وجود الإله، بل عارضه ورفض الانصياع له.

وينبغي عدم الخلط بين موقف بعض الفلاسفة كأرسطو، والذي أنكر القيوميّة (رعاية الإله لخلقه)، وبين الإلحاد، فهو لم ينكر وجود الإله، ولكنه تصوّره إله سامي عن خلقه، ولا يشغل نفسه إلا بما يليق بذاته، وهو ذاته نفسها! 15


ننتقل الآن للجزء الثاني ، وهو أركان الفكر الإلحادي.

ذكرنا في اللقاء السابق ثلاثة أركان أساسية يقوم عليها مذهب الإلحاد:
1)  معضلات فلسفية: تشمل على سبيل المثال لا الحصر أسئلة مثل:
  • لماذا يحاسبني الإله إذا كان قد خلق أفعالي؟
  • هل أنا مخير أم مسير؟
  • لم يأخذ الإله موافقتي على هذه الحياة وهذا الإختبار!ـ
  •  معضلة الجحيم: كيف تستوي رحمة الله أو حتى عدله في أن يخلد شخص في الجحيم، حتى لو قضى عمره كله في ذنوب وخطايا؟
  • ولكن أشهرها على الإطلاق "معضلة الشر"، وتعني:
 أن علم الإله ورحمته وقدرته المطلقة لا تتفق مع وجود الشر، فإن كان يعلم وجوده، ولا يستطيع منعه فهو ليس بقادر، وإن كان يستطيع منعه ولا يريد فهو ليس برحيم، وإن كان لايعلم فهو ليس بعليم، وفي كل الأحوال هو ليس بإله! وتعرف أيضاً بمعضلة أبيقور 16... ويذكر السير أنتوني فلو أن معضلة الشر كانت من أهم الأسباب التي دفعته للإلحاد منذ صغره، ووضع تفسيراً فلسفياً لها بعد إيمانه في آخر حياته بوجود إله، سنتطرق إليه في اللقاء القادم.

2)  خلق الكون: علوم الفلك والفيزياء توصلت لقوانين ونظريات لنشأة الكون وطريقة عمله، يعتقد الملاحدة أنها لا تحتاج لوجود "إله" لتفسيرها، وأشهر من يمثل هذه الجانب، عالم الفيزياء الإنجليزي ستيفين هوكنج، ووضع خلاصة فكره في هذا المجال في كتابه التصميم العظيم The Grand Design 17

3)  خلق الحياة: الفكر الديني التقليدي يقول بالخلق الخاص، ولكن العلم أثبت صحة مفهوم التطور (سنتعرض لاحقاً للفرق بين مفهوم التطور ونظرية التطور الدارويني)، وعلى مستويات عدة؛ وقدمت لذلك أدلة من علوم الأحافير، والتشريح، وعلم الجينات، وأغلب – إن لم يكن كل – الهيئات العلمية المحترمة في العالم المتقدم الآن تعتقد بأن نظرية التطور هي أفضل ما توصل إليه العلم لتفسير نشأة الحياة، ولا تكاد أي هيئة علمية تذكر أي شئ عن الخلق الخاص أوالمباشر، حيث أنه بلا أي سند علمي – حتى الآن!، ومن أشهر علماء العصر الحديث في هذا المجال ريتشارد دوكنز 18 عالم الأحياء البريطاني، والذي يصفه البعض بأكبر المدافعين عن الإلحاد ، وله عدة كتب، أشهرها "وهم الإله" ، و "الجينوم الأناني" ، و "صانع الساعات الأعمى".ـ
=============================================

وسنتحدث في اللقاء القادم عن المعضلات الفلسفية، ونُفصّل في أشهرها وهي معضلة الشر.

وشكراً جزيلاً على وقتكم،،
د. أحمد جلال


المراجع:
1)  http://en.wikipedia.org/wiki/Antony_Flew
2)  http://www.amazon.com/There-Is-God-Notorious-Atheist/dp/0061335290
3)  http://en.wikipedia.org/wiki/Francis_Collins
4)  http://www.amazon.com/The-Language-God-Scientist-Presents/dp/0743286391
5)  موقع لسان العرب: http://www.lesanarab.com/
6)  http://en.wikipedia.org/wiki/Irreligion
7)  http://www.amazon.com/gp/product/0345384563/102-3878865-9016118?v=glance&n=283155
8)  http://www.bede.org.uk/inquisition.htm
9)  http://en.wikipedia.org/wiki/God_of_the_gaps
10) http://en.wikipedia.org/wiki/William_Blake
11) http://www.friesian.com/arthur.htm
12) http://marxmyths.org/cyril-smith/index.php#marxandgod
13) http://www.freud.org.uk/education/topic/10573/freud-and-religion/ 
14) نشأة الدين – النظريات التطورية والمؤلِّهة. أ.د/ علي سامي النشَّار. دار السلام – القاهرة.
15) http://en.wikipedia.org/wiki/Aristotelian_view_of_God
16) http://en.wikipedia.org/wiki/Problem_of_evil
17) http://en.wikipedia.org/wiki/The_Grand_Design_%28book%29
18) http://richarddawkins.net/

تعريفات حول الإلحاد..المقال 1


هذه المقالة أعدها للكتابة ا/أحمد جلال ، واعيد نشرها لما رأيت فيها من الإفادة والترتيب لبعض التعريفات حول موضوع الإلحاد والإيمان ، لعل الله يهدى بها إلى سبيله أحدا،
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل أن تبدأ،
هذه سلسلة مقالات عن الإلحاد، ليس الهدف منها الهجوم على الملحدين، كما أني لست واعظاً لأحاول إستمالة القارئ ملحداً كان أو غير ذلك، إلى الإسلام...
الهدف من وراء هذه السلسلة هو عرض وجهة نظر الملاحدة، ودراسة الأسباب التي دفعت إنساناً ما للإلحاد، ومحاولة تحليل هذه الأسباب والرد عليها علمياً وعقلياً ومنطقياً وفلسفياً، ولن ألجأ إلى أي نص مقدس أو تفسير ديني.

معظم ما سيرد في هذه السلسلة هو ثمرة كتابات أستاذي الدكتور/ عمرو شريف، و جهود شيخي الدكتور/ محمد العوضي، والمهندس/ فاضل سليمان، بالإضافة إلى محاضرات الدكتور/ عدنان إبراهيم....وسأعرض لجميع المصادر والمراجع في مكانها. فما كان من صواب فمن الله، وما كان من خطأ فمن سوء فهمي!


اللقاء الأول : تعريفات

في البداية سأوضح تعريفات لكثير من المصطلحات والمفاهيم والقوانين التي سترد في هذه السلسلة، لا تشغل بالك بفهم كل مصطلح الآن، فيمكن إعتبار هذا الفصل "قاموس" تعود إليه عند الحاجة، وسأحاول تبسيط هذه التعريفات قدر الإمكان، كما سيرد ذكرها – مع غيرها – بالتفصيل في الحلقات القادمة.
أكرر مرة أخرى، لا تنزعج عزيزي القارئ إذا وجدت بعضاً من هذه المصطلحات غامضاً، فكلٌ سيأتي ذكره بالتفصيل والأمثلة في المقالات القادمة.
 Religion الدين :
مجموعة من العقائد تفسر العلاقة بين البشر والكون، وتجيب عن الأسئلة الغائية.
يقوم البناء الفكري لمعظم الأديان على منظومة تتكون من:
 God إله
قوة خارقة واعية ذكية لها إرادة، خلقت هذا الكون بأشكال الحياة التي فيه.
قيومية الإله:
لم يكتف بالخلق، بل هو يرعى شئون  الكون.
إله يتواصل معنا:
أرسل رسل، بكتب سماوية ومعجزات تعضد عند البشر أنهم مدعومون من السماء، وفي هذه الكتب أحكام وشرائع، وشرح لوسيلة التواصل، كما أن هناك يوم آخر، وفيه نعيم وعذاب.

وعليه، فهناك من أنكر وجود هذا الإله، وهناك من أنكر القيومية، وهناك من أنكر النبوّات.


 Atheismالإلحاد:
مذهب فلسفي يقوم على فكرة عدميّة أساسها إنكار وجود الله أو خالق واعي لهذا الكون.¹
الإلحاد القوي (الإيجابي): الإعتقاد بعدم وجود إله، بناءً على أدلة علمية وفلسفية.
الإلحاد الضعيف (السلبي): إنكار وجود إله لعدم الإقتناع بأدلة المؤمنين على وجوده.
الإلحاد المطلق: إنكار وجود إله.²
الإلحاد النسبي: إنكار تصوّرات معينة للإله، كرفض صورة الإله التي تقدمها الأديان. 

Agnosticism اللاأدرية:
توجه فلسفي يقول أن القيمة الحقيقية للقضايا الدينية أو الغيبية غير محددة ولا يمكن لأحد تحديدها. وأن قضايا وجود الله أو الذات الإلهية بالنسبة لهم موضوع غامض كلية ولا يمكن تحديده في الحياة الطبيعية للإنسان.

 Deism الربوبية:
مذهب فكري لا ديني وفلسفة تؤمن بوجود خالق عظيم خلق الكون وبأن هذه الحقيقة يمكن الوصول إليها باستخدام العقل ومراقبة العالم الطبيعي وحده دون الحاجة إلى أي دين، وبالتالي ينكر أتباع هذا المذهب النبوّات والأديان، ويؤمنون انها صناعة بشرية.

 Theism الألوهية:
العقيدة الخاصة التي تفيد بأن هناك علاقة بين الطبيعة الإلهية وعلاقته بالكون الطبيعي ،وتؤمن بالإله الشخصي وأنه يقوم بتحكيم وتنظيم العالم والكون، وبالتالي تؤمن بالأديان والرسل، وأن معرفتنا بصفات الإله وما يريده منّا تكون عن طريق الوحي.³

  Philosophy الفلسفة:
كلمة مشتقة من اللفظ اليوناني "فيلوسوفيا؛ فيلو= حب – صوفيا = الحكمة" بمعنى محبة الحكمة أو طلب المعرفة.
وللفلسفة ثلاثة مباحث رئيسية:
 Ontologyمبحث الوجود:
يناقش علة الوجود، وهل العالم قديم (= أزلي) أم حادث؟
Epistemologyمبحث المعرفة = نظرية المعرفة:
يناقش مصادر وموضوعات وأهداف المعرفة.
Axiologyمبحث الأخلاق:
يناقش قضايا السلوك والأخلاق.

Logic علم المنطق:
هو فرع من الفلسفة يدرس صور الفكر وطرق الاستدلال السليم.

 Science العلم:
 كل نوع من المعارف أو التطبيقات. وهو مجموع مسائل وأصول كليّة تدور حول موضوع أو ظاهرة محددة وتعالج بمنهج معين وينتهي إلى النظريات والقوانين.⁴
تعريف آخر للعلم: الاعتقاد الجازم المطابق للواقع وحصول صورة الشيء في العقل.⁵

Anthropic Principle المبدأ الإنساني:
عبارة عن أطروحة تقول بأن الكون حتمي حيث تكون معادلاته وقوانينه الطبيعية مناسبة لظهور أنواع حياة ذكية، حيث أنه لو كانت الجسيمات الأولية مثل الإلكترون و البروتون ليست بصفاتها الموجودة والقوانين التي تحكمها ، لكان من غير الممكن نشأة الحياة على الأرض بما فيها نشأة الإنسان نفسه . والإنسان هو المخلوق الوحيد الذي بمقدوره وصف الكون ومراقبته وتحليله فيزيائياً.

 Scientific Methodالمنهج العلمي:
يقوم على ملاحظة ظاهرة ما، و دراسة العوامل المحيطة بها ومحاولة وضع فرضية مبدأية لتفسير آلية حدوثها ومدى تأثير هذه العوامل، ثم إختبار هذه الفرضية فإن صحت، تصبح نظرية، وننتهي بالخروج بقوانين علمية ورياضية.
 Hypothesisالفرضية:
محاولة مبدأية (ومؤقتة) لوصف ظاهرة ما. والفرضية العلمية يجب أن تكون قابلة للإختبار والتجربة، وأن تكون إمتداداً لفرضيات أو نظريات سابقة.
 Theoryالنظرية:
بناء محكم أو منظومة تصف الظواهر الطبيعية والاجتماعية وتكون مستندة إلى الدليل والشاهد من خلال التجربة. وهي تعبير منظم ومصاغ يبنى على كل الملاحظات السابقة ويمكن استخدامه في التنبؤ بالظواهر، كما يجب أن يكون بناؤها منطقي، وقابل للإختبار والتجربة ولم يسبق أن تم نقضها.
 Scientific Factحقيقة علمية:
معلومة ليست محل جدال علمي.

 Metaphysics علم ما وراء الطبيعة :
وهو العلم الذي يدرس الأسس الأولى أو المبادئ الأولى التي تقوم عليها المعرفة الإنسانية، وهذه الأسس هي أسس أنطولوجية (مفهوم الوجود) وكوزمولوجية (مفهوم الكون) ونفسية ولاهوتية.
ملاحظة: الفيلسوف أرسطو هو واضع أسس هذه العلوم، غير أنه لم يذكر هذا المصطلح أبداً في كتاباته بل أطلق عليها إسم "الفلسفة الأولى"!، ويرجع أصل التسمية إلى تلاميذ أرسطو حيث وجدوا أن الفصول التي تتحدث عن هذه العلوم قد وضعها أرسطو بعد (= وراء) الفصول التي كتبها عن العلوم الطبيعية (= الفيزياء)!ـ

قوانين الفكرالأرسطية (نسبة لأرسطو): ثلاثة قوانين:
1) قانون الهويّة أو الذاتية: الشئ هو نفسه.
2)قانون عدم التناقض: نقيض الشئ هو نفيه، ولا يمكن إجتماعهما معاً.
3) قانون الوسط المرفوع أو الثالث الممتنع: إستناداً إلى القانون الأول والثاني، فالشئ إما أن يكون نفسه أو ليس نفسه.

تعريف المخ Brain:
الجزء الأكبر والأهم من الجهاز العصبي، ويتكون من نصفي كرة، يشغلان تجويف الجمجمة، ويبلغ وزنه في الإنسان البالغ حوالي الـ 1350 جم، وهو ما يشكل 2% من وزن جسم الإنسان.
تعريف العقل: Mind
مصطلح يستعمل لوصف وظائف المخ العليا، ومنها الإدراك، والذكاء، والذاكرة، وافنفعال العاطفي، والجدال، والشعور بالذات، وغيرها.
مراحل الإدراك: قسّمها العلماء لـ 4 مراحل:
1)إدراك حسي (بالحواس الخمس).
2)إدراك خيالي (مقارنة الصور الحسية بتلك المحفوظة في الذاكرة، ومقارنتها ببعضها البعض).ـ
3)إدراك وهمي (الشعور بما يشعر به الآخر نحوه كالحب والكره والعداء).ـ
4)إدراك عقلي (الوظيفة العليا للمخ، وهو نوع من الإدراك يتميز به الإنسان عن سائر الكائنات الحية، وبه يستطيع إدراك القيم المطلقة (الحق والخير والجمال)، وإنتزاع المفاهيم الكليّة من الجزئية، ويعتبر علم المنطق من مظاهر هذا النوع من الإدراك.

 Occam's razor موس أوكام:
يعتمد المبدأ على أن شرح أي ظاهرة يجب أن يقوم على أقل عدد من الفرضيات. يتم ذلك بترك أي فرضية لا تؤثر أو تشرح الظاهرة أو النظرية.

أحوال العقل في الحكم على الأشياء: ثلاثة لا رابع لها.
الشئ إما أن يكون :
1)واجب الوجود
2)ممكن الوجود
3)مستحيل الوجود

أساليب التفكير: هناك نوعان أساسيان:
1)تفكير مغلق: يتبنى العقل فكرة ما، ثم يحاول أن يُخضع الشواهد لها، للوصول إلى الفكرة التي بدأ بها.
2)تفكير مفتوح: يقف العقل إبتداءًعلى الحياد، ويدرس الشواهد، ويضع فرضيات ونطريات، ليصل إلى إستنتاجات، وأفكار يصوغها في قوانين.

 Secularism العلمانية :
الترجمة الصحيحة للمصطلح اللاتيني هي "الدنيوية" أو "اللادينية" بإعتبارها دعوة إلى إقامة الحياة بناءً على العلم الوضعي والعقل البشري، ومراعاة المصلحة بعيداً عن الدين. ⁶، بإعتبار الدين قيمة متجاوزة للبشر(= قيمة فوقية، غيبية، روحية) لا تخضع للعقل. ولا توجد أي علاقة "إصطلاحية أو لغوية" بين العلم والعلمانية، بل العلاقة اللغوية نشأت لوصف العالم المادي المنظور، في مقابل العالم الغيبي (= الدين).
وعليه يمكن إعتبار العلمانية نوع من الإلحاد السياسي.
ويعتقد البعض أن كل الملحدين علمانيون بالضرورة، بينما العكس ليس صحيحاً.

Proof البرهان:
عملية استدلال تهدف إلى تأكيد صدق (أو كذب) قضية ما. والاستدلالات التي يبنى عليها البرهان، والتي تترتب
عليها القضية منطقياً تسمى الحجج.
وفي علم المنطق يُعرّف البرهان بأنه: القياس المؤلف من يقينيات لإنتاج يقيني.
وفي علم الرياضيات، يُعرّف البرهان الرياضي بأنه: عبارة عن إثبات، يستند على بديهيات معينة، لعبارة رياضية أو علاقة رياضية بأنها صحيحية منطقيا حكما في ظل هذه المجموعة من البدهيات.
ويعتبر البرهان الرياضي أكمل أشكال البرهان، وتُعد العلوم الهندسية أقوى العلوم برهاناً، فالبرهان الرياضي أسمى نموذج لليقين تسعى إليه العلوم الطبيعية والإنسانية، ويعتمد البرهان الرياضي على الإستنتاج المحض  Deduction

Induction الإستقراء:
البرهان بالإنتقال من الخاص إلى العام، كما في العلوم الطبيعية، فملاحظة ظاهرة ما، يدفع العلماء إلى البحث للوصول إلى نتيجة وقانون عام يسري على كل الظروف المشابهة، حتى لو لم تتم دراستها كل على حدة.
 فيمكن القول للتبسيط : أن الإستنتاج المحض يسير في إتجاه معاكس للإسقراء

. Axiom البديهية :
هي أي افتراض يكون مقدمة لاستنتاج تصريحات أخرى منطقيا. والبديهيات لا يمكن أن تشتق بمبادئ الاستنتاج، كما لا يمكن اثباتها عن طريق البرهان لأنها مقدمات مفترضة.

  Indication الدلالة:
كون الشيء بحالة إذا علمت بوجوده انتقل ذهنك إلى وجود شيء آخر. (جرس الهاتف يرن، يدل على أن هناك من يتصل).
وتنقسم الدلالة إلى أقسام ثلاثة:
1) الدلالة العقلية: هي الدلالة التي تنشأ من الملازمة بين الشيئين ملازمةً كضوء الصبح الدال على طلوع الشمس. وتتميَّز هذه الدلالة: بأنَّها لا تختلف باختلاف الأشخاص والأمصار، فهي تحصل لأيِّ إنسانٍ مهما كان سواء العالم أو الجاهل، القروي أو الحضري.
2) الدلالة الطبعيّة: وهي فيما إذا كانت الملازمة بين الشيئين ملازمة طبعيَّة أي يقتضيها طَبْعُ الإنسان، وقد يختلف حسب طباع الناس..
3) الدلالة الوَضعية: هي فيما إذا كانت الملازمة بين شيئين ناشئة من التواضع والاصطلاح، وذلك باتفاق جماعة على وضع شيء لشيء. ⁷

================================================

ونبدأ في المقال القادم في التعرض لموضوع السلسلة، وأقترح على حضراتكم أن تكون الأبواب بالترتيب التالي:
  1. تعريف الإلحاد، ونشأته.
  2. أركان الفكر الإلحادي.
  3. معضلة الشر.
  4. خلق الكون، هل وجود الإله ضرورة؟
  5. خلق الحياة، هل وجود الإله ضرورة؟
  6. خلق الإنسان، خاص ومباشر، أم تطوري؟
  7. هل تطور العقل البشري؟ متى صار المخ عقلاً؟
برجاء ملاحظة أني لن ألجأ إلى أي دليل من أي كتاب مقدس كما أسلفت، فعند الحوار مع أي إنسان، على جميع الأطراف المشاركة في الحوار، أن تتفق على مرجعياتهم المشتركة، فما هو مقدس عندي وملزم قد لا يكون كذلك عندك!، وعليه فسنستخدم لغة العلم والمنطق، وأحياناً الفلسفة.
......
ويسعدني تقبل إقتراحاتكم، بإضافة أبواب أو حذفها، أو إعادة ترتيبها، ولكم جزيل الشكر.

د. أحمد جلال
==============================================
المراجع:
  1. الموسوعة المفصلة في الفرق والأديان والملل والنحل والحركات القديمة والمعاصرة، إعداد مكتب التبيان للدراسات العربية وتحقيق التراث – دار إبن الجوزي، القاهرة. الجزء الثاني، صـ 895
  2. المحاضرة الثانية للدكتور/ عدنان إبراهيم، في سلسلة مطرقة البرهان وزجاج الإلحاد. https://www.youtube.com/watch?v=Q4-qU6wLaLU
  3. English Deism: Its Roots and Its Fruits. By: John Orr., 1934
  4. المعجم الوجيز، مادة "علم" صـ 432
  5. كتاب التعريفات للجرجاني، صـ 155
  6. الموسوعة المفصلة في الفرق والأديان والملل والنحل والحركات القديمة والمعاصرة، إعداد مكتب التبيان للدراسات العربية وتحقيق التراث – دار إبن الجوزي، القاهرة. الجزء الثاني، صـ 839
  7. دروس في علم المنطق للشيخ إبراهيم الأنصاري.

الثلاثاء، سبتمبر 11، 2012

انصروا الإسلام ..وحاربوا إلهام شاهين !


للأسف الشديد هذا الدين الحنيف لا نستحقه ، ولا نستحق ماضيه المجيد الذى نتشبث بإنجازاته مثل ورقة التوت تنقذنا من عورتنا وضعفنا ، هكذا أشعر تجاه الدين الإسلامى ، وأشعر بوخز شديد عندما يشعر البعض بالغيرة لا لأجل تراجع شأننا بين الدول ، لكن من اجل نصرة عبد الله بدر والوقوف ضد إلهام شاهين.
الصراعات الدائرة على الموائد الإعلامية حول معركة الشيخ ضد إلهام شاهين لا تعنى سوى شئ واحد ووحيد ، اننا لا نريد ان ننتصر ، لا نريد ان ننهض ، نحتاج دائما لـ"وحش" نحاربه ، لإننا "نملك الحق" ، لكننا سنختار وحوشونا ، لن نقوى على هزيمة أكبر من هزيمة إلهام شاهين ، فبعض السبباب واللعنات سوف تفى بالغرض ، صبوا لعناتكم على الهام شاهين لكى نشفى صدورنا من مرار تراجع الامة.
أنا لا أدافع عن "الفنانة" ، وسؤلى بسيط ..هل كان الفسوق موجود أيام الرسول "صلى الله عليه وسلم" ؟ طيف حاربه ؟ بالكلمة الطيبة والمعوظة الحسنة ، أمم بالعين الحمراء وصب اللعنات و الكلمات البذيئة ، لن اعيد ماقاله "بدر" ، لكن هذا ليس الإسلوب الصحيح.
أقول للشيخ بدر أو كل من يدافع عن "أسلوبه" فى توجيه الناس ، برجاء..أختاروا معارككم..معركة الأمة ليست فى مشاهد إلهام شاهين الإباحية ، المعارك أقوى من ذلك بكثير ، نحن أمة حواالى نصف شعبها تحت خط الفقر ، أمة انتشر فيها مظاهر التدين ن وغاب جوهرها ، بالله عليكم اختاروا المعارك الصحيحة والملحة ، أليس هذا من جوهر الإسلام ، الإسلام لن يضار من مشهد "شاهين" بقدر مضرته بسبب كفر شاب أو فتاة بسبب الفقر والظروف الضنك حولنا ، لا تجعلونا أضحوكة للعالم ، اللهم بلغت اللهم فاشهد.

الجمعة، سبتمبر 07، 2012

نموذج محاكاة المؤتمر الإسلامى يحيى ذكرى حريق "الأقصى" بأضواء الشموع بحضور مستشارى الرئيس








يسرا سلامة
تشابهاً مع الأوضاع فى قطاع غزة الغارق فى الظلام الدامس ، احتفلت نقابة الإطباء بدار الحكمة مساء امس بذكرى نكبة حريق المسجد الأقصى ، وذكرى تأسيس نموذج محاكاة منظمة المؤتمر الإسلامى "مويك" وسط الظلام بسبب انقطاع الكهرباء عن شارع القصر العينى ، الأمر الذى دفع منظمى الإحتفال من شباب النموذج إلى الإستعانة بأضواء الشموع لإستكمال مراسم الإحتفال.
وحضر الإحتفالية عدد من الشخصيات البارزة منهم مستشارى الرئيس الدكتورة باكينام الشرقاوى مساعد الرئيس للشئون السياسية و الدكتور سيف الدين عبد الفتاح المسئول عن ملف تمكين الشباب بمؤسسة الرئاسة، و الداعية فاضل سليمان مدير مؤسسة جسور للتعريف بالإسلام ، والدكتورة نادية مصطفى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ، و كمال عبد السلام رئيس لجنة القدس بنقابة الأطباء ، والسيد أحمد حسين مندوب منظمة التعاون الإسلامى بمصر، و الفنان وجدى العربى، و الداعية صلاح سلطان، والمنشد الصاعد محمد عباس مؤكدين على تضامن مصر الكامل مع القضية الفلسطينية.
وأضاف الدكتور فاضل سليمان أثناء كلمته ان المسجد الأقصى هو أولى القبلتين وثانى المسجدين وثالث الحرمين ، وقيمته عالية ليس لدى الفلسطينيين فحسب ، لكن لكل المسلمين بالعالم أجمع أى أكثر من مليار و ستمائة مليون مسلم فى العالم ، مشيراً أن على المسلمين الإهتمام بالقضية الفلسطينية ، كما يهتم بها أصحابها ن وكما يهتم اليهود بالترويج لقضيتهم إعلامياً بشكل جيد.
وفى نفس السياق أضاف الدكتور "سيف عبد الفتاح" مستشار الرئيس أن نموذج منظمة المؤتمر الإسلامى بجامعة القاهرة أثر فى الثورة المصرية ، قائلاً:"كلما هاتفت من أعرفهم من النموذج وقت الثورة يقول لى إنه "مزروع" فى ميدان التحرير" ، مضيفاً أنه سعى لأن يصبح مستشارا عن ملف الشباب لإنه يرى أنهم النور للطريق القادم ، فهم يملكون نصف الحاضر وكل المستقبل .
الجدير بالذكر أن نموذج منظمة التعاون الإسلامى، هو نموذج أنشئ لمحاكاة منظمة التعاون الإسلامى، والتى أنشئت عام 1969 أثر حريق المسجد الأقصى، لتوحيد الصف الإسلامى فى مواجهة الاستعمار الصهيونى.

الخميس، سبتمبر 06، 2012

صديقى الملحد..اشكرك



تراودنى فكرة الإلحاد منذ فترة ، لا أن ألحد قطعا ، لكن فضول وشعور عن خبايا الملحدين وأسبابهم ودوافعهم لذلك، والحقيقة هذا قبل مقال باسم يوسف الأخير الذى ألقى بالصخر فى الماء الراكد ، وفكرة كنت اعود اليها منذ فترات فى صغرى ، ثم استغفر ربى مرات ومرات وأقول فى سرى "أنتى دماغك ساحت ولا إية يا يسرا؟!"، لكن هذه السطور القادمة أوضح فيها بعض الأفكار عن الإلحاد والملحدين فى 2012،ولماذا اقدم له شكر ، ليس على إلحادهم لكن على ما كشفوه من اخطاء فى مجتمعنا نحن -ونحن فقط- من يتحمل وزره.
وبعد جولة سريعة فى بعض المقاطع ، ادركت شيئا اريد ايصاله من هذا المقال ، انه "طبيعى" جدا ان يكون هناك ملحديين فى العالم كله وليس مصر أو الدول العربية فقط، لكن الأزمة هنا فى هذا المكان فى العالم أكثر تعقيداُ ، نحن كمسلمين نتحمل وزر إلحاد من فينا أكثر مما يتحمله هم ، للأسف الشديد السبب الرئيسى والذى وجدته فى ألفاظ وأقوال بعض الملاحدة هو "فشل الخطاب الدينى" وليس تشدده او تراجعه ، بل فشله.
القصة وصلت لذروتها عندما شاهدت مقطعاً لأحد الشباب الملاحدة عبر موقع اليوتيوب "من هنا" يتحدث فيه عن الشيوخ والقساوسة أيضاً ، ورجال الدين الذين أصبحوا كهنوتاً داخل المجتمع المصرى ، وقد توقعت وانا أضغط على هذه الفيديوهات أن كل حججهم هباءاً منثوراً ، وبـ"فتحة صدر" قررت احط ايدى فى الشق واستمع لهم ولما يبثه، ويارتنى ما سمعتما قاله الملحد ، للأسف الشديد نحن كمجتمع إسلامى نتحمل وزر إلحادهم.
لا يوجد فى دولة فى العالم الإسلام "أشكال وألوان" كما فى مصر ، نحن نملك ما تريد انت للإسلام ، نملك إسلام الحوينى وحسان ويعقوب ، وهذا عين التشدد ، ونملك اسلاماً ازهرياً يقول أنه وسطى ، ولم يلبث أن يخرج من جلباب الحاكم بعد مهادنة طويلة ، والأزهر بلا شك يفقد بريقه وقوته لاسباب كثيرة أدت إلى تراجع دوره ، وتراجع الوسطية الإسلامية بالتبعية ، أما النوع الثالث فهو إسلام "الدعاة الجدد"..الكوول..مصطفى حسنى وعمرو خالد وغيرهم ، والسلسلة تدور ، معهم انت فى راحة ، لا تشدد او وسطية ، ممكن تلبسى سبانش وتكلمى ولاد بس ب"حدود" ، وتبقى مسلمة عادى ،لكل مدرسة منهم قواعدها المختلفة ، تشعر احيانا ان كل منهم دين غير الأخر.
أذن..إذا فرضنا أنه جاء إلى بلادنا مواطن أجنبى يريد الدخول فى الإسلام ، ويريد معرفة الكثير عن الدين الإسلامى ، ماذا نعطى له، كتب حسان ام كتب على جمعة ام سيديهات عمرو خالد؟ ..تماما كثير من الشباب أيضاً لا يملك الإجابة ، وينفرط عقله بين الثلاثة قبائل ، ويقرر أن الإلحاد هو الحل.
السبب الأخر لإلحاد هؤلاء ، وربما هو الكارثة الأكبر، ان الدعاة "الجدد والقدامى" ليسوا دارسى علوم شرعية ، محمد حسان خريج إعلام ، عمرو خالد تجارة ادارة اعمال ،خالد عبد الله هندسة مدنى والقائمة تطول..وبعد حبة "كورسات" استطاع هؤلاء أن "يسترزقوا على قفانا" أو قل على جهلنا ..وللأسف الحديث العاطفى أكثر من العلم فى حديثهم ، ليس على مجمله لكن أغلبه ، وانا اعترف انى اشاهدهم وأبكى معهم وأؤمن على دعائهم ، لكن لماذا هى وظيفتهم ، لماذا يتاجرون بجهلى ؟ ، هلأ اعترفوا بانها "سبوبة"؟!
سؤال أخر ورد إلى ذهنى متعلق بالسابق ،هل الأمة والتابعيين بعد الرسول والصحابة كان عندهم برنامج رمضانى بملايين وبإعلانات والشئ الفلانى ، هل كان فى "التراس" لأبى كثير وأبى مسلم زى مافى التراس لحسان وعمرو خالد ، ما هو المنتج الذى يقدمه هؤلاء للبشرية ، يقرأون الكتب ثم يلفظوا ما فيها للجماهير الغفيرة الشبقة لكلمة علم؟ ماذا زادت الأمة الإسلامية بعد اكثر من عشرات السنوات من ظهورهم ؟ هل تقدمنا ؟ هل زاد ايماننا ؟ أم تحول جل إسلامنا إلى كول تون برنامج مصطفى حسنى الجديد؟! وهل هذا نموذج يحتذى به للشباب..يقولون له اعمل وتحمل ووو.ولكن يفعلون عكس ذلك.
الأمر الأخر وليس الاخير - وربما هو ما دفع الشباب فى مقطع اليوتيوب - هو تحول هؤلاء الشخصيات مع الوقت إلى كهنوت دينى ، ولك سؤال أيهما اكثر سهل اتقاده الان الرئيس أم محمد حسان ؟! ، الاحترام للجميع ، لكن اذا رفضت ما يطرحه حسان فى قضية ما ، لماذا يكون هو الصح وانا الغلط مع اننا خريجيين إعلام زى بعض؟! لماذا حولتهم الفضائيات إلى آلهة عجوة جديدة ؟ وصارت الجماهير تذحف على أرقامهم لتهتدى بالأجوبة عن السوالك وفوائد البنوك وكأنهم يملكون وحدهم صولجان الحقيقة.
هذه بعض من الأسئلة داخلى والتى رأيتها فى كلام الشباب الملحد ، الملحدون مخطئون بلا شك ، لكن بعدهم عن الدين بسبب الربكة فى خطاب الأمة فى الإسلام ، ناهيك عن تنميطهم وإلقاء التهم عليهم بدأ من الجنون انتهاءاً بالشذوذ ، واتسائل متى نرى خطابا دينيا يساعد هؤلاء ، ولا يكون مبنى على العاطفى بل العقل حتى تضح حجة الإسلام ، متى  نفهم انهم ليسوا كائنات مرضية لكنهم "يعملون عقلهم" فقط.
اعرف أن أفكارى فقدت الترتيب بعض الشئ ، فقد شعرت بالخوف وانا اكتب هذا المقال ن لإنى مثلى مثل كثير من الشباب كانت ترى فى هؤلاء مخلصاً وقدوة ، وانا اشكر هذا الملحد ، واتمنى له الهداية من قلبى لإنه "كشف ورقة التوت الاخيرة " ،اللهم اهدنا للحق.