منذ إندلاع ثورة الخامس
والعشرين من يناير وحتى الآن، شهد الخطاب الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين
تغيرات مختلفة ومتباينة، فبين موائمات أو صدامات مع السلطة، لجأت الى عدد
من الشعارات تحاول فيها جماعة الإخوان المسلمين أن تجتذب عدد أكبر من
محبيها، وأن تربح بعدد من الشعارات أرضًا جديدة في الشارع السياسي المصري.
فمنذ أن انخرطت جماعة
الإخوان المسلمين في العمل السياسي عام 1938، خاطبت الجماعة عموم الناس
بشعار "الإسلام هو الحل"، ليبقى هذا الشعار ملازمــًا للجماعة على طول
خطابها السياسي، وسط ظروف تاريخية شديدة الحدة، تشبه الولادة العسيرة
لمشروع الجماعة الذي تبناه مؤسس الجماعة حسن البنا، ليبرز من خلاله مفهوم
القومية الإسلامية بدلاً من القومية العربية، وأن تصدر الجماعة بذلك الشعار
للعالم أجمع الإسلام كحلا سياسيــًا وإجتماعيــًا للمشكلات التي تمر بها
البلاد حينها.
"الإسلام هو الحل" بين الدستورية والبطلان
ظل شعار الأخوان
المسلمين الأساسي هو "الإسلام هو الحل"، والذي قوبل بهجومــًا ضاريـــًا من
قبل السلطة السياسية، سواء بشكل مباشر من قبل المسئوليين السياسيين ، أو
بشكل غير مباشر من خلال هجوم تيارات سياسية أخرى تعمل وفقـــًا لهوى
النظام، وتحتكم بأمره، مثل الأحزاب السياسية التى لا تملك ثقل حقيقي في
الشارع السياسي المصري، مثل الذى تحظي به جماعة الإخوان المسلمين.
أحدث صور هذه الملاحقة،
القرار التى أصدرته اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة، بحظر استخدام الرموز
والشعارات الدينية للترويج للمرشحين، وأن من بين هذه الشعارات شعار
"الإسلام هو الحل"، الذي بدورها اعتبرته أحد الشعارات الدينية التي لا يجوز
استخدامها في عملية الدعاية.
فالبرغم من أن هذا
الشعار ملاصق للإخوان تاريخيـًا، إلا أن لجنة الانتخابات الرئاسية قررت أن
من يستخدم أيــًا من هذه الشعارات الدينية والتي منها "الإسلام هو الحل"،
سيتم إحالته للنيابة العامة، موضحة أن الشعارات أو الرموز الدينية هي كل ما
ينطوي على فعل أو قول أو شعار ينتمي لطائفة معينة دينية مثل "الإسلام هو
الحل" أو "المسيحية هى الحل"، وقانون الرئاسة، يحظر تلك الشعارات والرموز
بأى صورة من الأشكال.
تمسك الإخوان بالشعار حتى الثورة
فالبرغم من قرار اللجنة
ببطلان هذا الشعار لأنه " شعار دينى " أثناء، فقد أكد عبد المنعم عبد
المقصود "محامي جماعة الإخوان المسلمين" أن شعار "الإسلام هو الحل" شعار
دستوري مائة بالمائة، إذ حصل على مئات الأحكام القضائية التي تثبت أنه شعار
سياسي وليس دينيــًا، ومن حق جماعة الإخوان المسلمين، أو أي فصيل سياسي
آخر أو مرشح للانتخابات الرئاسية استخدامه في حملته الانتخابية، معربًا عن
اندهاشه الشديد من التصريحات الصادرة عن اللجنة العليا للانتخابات
الرئاسية، الخاصة بحظر استخدام شعار "الإسلام هو الحل"، في عملية الدعاية،
وإحالة مَن يستخدمه للنيابة العامة.
وأضاف أن من يستخدم أيا
من هذه الشعارات ومنها "الإسلام هو الحل"، سيتم إحالته للنيابة العامة،
موضحـًا أن الشعارات أو الرموز الدينية هي كل ما ينطوي على فعل أو قول أو
شعار ينتمى لطائفة معينة دينية مثل " الإسلام هو الحل" أو "المسيحية هى
الحل" ، وقانون الرئاسة، يحظر تلك الشعارات والرموز بأى صورة من الأشكال،
هذا بالرغم من إتاحة هذا الشعار طوال الإنتخابات التى خاضتها الجماعة قبل
ثورة يناير.
نحمل الخير لمصر.. طمأنة أم برجماتية ؟
أثناء ثورة الخامس
والعشرين من يناير، لم ترفع جماعة الإخوان المسلمين شعار "الإسلام هو
الحل"، فى ميدان التحرير أو فى أى ميادين مصر، ربما فى رسالة تطمينية
للخارج ، ولتجتذب المزيد من المكاسب فى الداخل، فإسلامية الثورة المصرية
كانت سلاح مبارك الأخير الذى كان يخيف به الغرب، لكى يدفعهم الى التمسك به
الى الرمق الأخير، ولكي يدفع الكتلة الصامتة من الشعب المصرى للوقوف
بجانبه، وهذا ما دفع الجماعة إلى أن تخفي الشعار طوال فترة الثورة، وأن
تقبل بما يفرضه عليها الميدان من شعارات بين "سلمية ..سلمية" و "عيش حرية
عدالة إجتماعية" ، أو"الشعب يريد إسقاط النظام" بالرغم من أن جماعة الإخوان
المسلمين لا تمانع من أن تكون جزءًا من النظام حين يحقق لها النظام مكاسب
سياسية، مثل صفقات – اعترف بها قيادات الجماعة مثل الشاطر وغيره-على مقاعد
مجلس الشعب وغيرها.
احتاجت الإخوان بعد فترة
الثورة إلى خطاب براق، لتستميل به الغرب قبل الداخل، فاختارت شعار "نحمل
الخير لمصر"، وكما يبدوا، فإن الشعار لم يبدوا جامدًا صامدًا مثل الشعار
القديم، وإنما يبدو أنه بمثابة الضوء الأخضر الذي تعطيه الجماعة للداخل
والخارج من أجل مزيدًا من التحالف، وكأنها ترسل رسالة سياسية "نحن البديل
الأفضل لنظام مبارك".
استطاع الإخوان المسلمون
تلك فترة الانتخابات البرلمانية أن يحصدوا وبفضل هذا الخطاب مزيدًا من
أصوات الناخبين المصريين، بينما رأى بعض الباحثين في هذا الشعار اتجاهـًا
داخل الجماعة نحو "برجماتية سياسية " ترنو فيه الجماعة إلى "حصد غنائم
المعركة " التي كانت لاعبـًا رئيسيـًا فيه، ودورهم في موقعة الجمل أوضح
مثال لذلك، التى حسمها شباب الجماعة وقتها لصالح الميدان.
" النهضة إرادة شعب ".. و " قوتنا فى وحدتنا "
من بناء الجذور
الإخوانية بـ"الإسلام هو الحل" حتى" نحمل الخير لمصر"، إلى بزوغ "مشروع
النهضة"، الذي تحمله الجماعة إلى مصر لحث المصريين للتصويت لها فى انتخابات
الرئاسة، المشروع الذي تحمله الجماعة بينها وبين حزب الحرية والعدالة،
والذي وصفته بأنه "مشروع نهضة" لتجذب إليها مزيدًا من المصريين، وشعار
النهضة يعطي أيضــًا مزيدًا من الطمأنينة، ومن أجل الخروج من الهيمنة
الأمريكية والصهيونية كما يقول الاخوان أنفسهم، واعتبارتنمية المجتمع جزء
أصيل للخروج من العباءة الأمريكية.
قوتنا قى وحدتنا .. دعوة لـ" لم الشمل "
كانت ردة فعل "الثوار"
تجاه مواقف جماعة الإخوان المسلمين بعد الثورة الهجوم على والتنديد، وخاصة
موقف الجماعة من أحداث محمد محمود، فلم تكتف قيادات الجماعة بالصمت عن
الأحداث وعدم النزول، لكنها وعلى لسان متحدثها الإعلامى حينها محمود غزلان
اتهمت ما يحدث فى الميدان بالبلطجة، الأمر الذى أفقد الإخوان المسلمين
كثيرًا من النقاط داخل الشارع الثوري، وتابعتها مواقف أخرى خلقت حالة من
العداء السياسي بين الإخوان والقوى الثورية.
وجاءت انتخابات
الرئاسة، وسط حالة شديدة من الاستقطاب، كانت نتيجتها صعود أحمد شفيق الذي
تصفه القوى الثورية مجتمعة بـ "مرشح الفلول" أما مرشح جماعة الإاون
المسلمين الدكتور محمد مرسي، ووجد الثوار أنفسهم أمام معادلة صعبة،
واختيارين أحلاهم مر، مما جعل الأخوان يقبلون على خطوة وصفها البعض بـ
"الذكاء السياسي" لما تحمله من رسائل كثيرة، حيث وجدت الجماعة أن مؤيدو بعض
المرشحين الخارجين من السباق في الجولة الأولى قد انضموا لحملتها
الانتخابية لمرسي، وأنها تماشيــًا مع الخطاب السياسي الجديد لابد وأن تغير
شعار الحملة الانتخابية إلى "قوتنا في وحدتنا".
التغيير الذي فسره البعض
بأنه عودة مرة أخرى للجماعة إلى الثورة والثوار، وأنها تنادي بالوحدة
والتعاون بالرغم من أن ذلك الشعار لا يتوافق مع أفعال الجماعة مع الثوار،
مسبقــًا.
جماعة الإخوان المسلمين
الآن فى مأزق، فالانتخابات الرئاسية بالنسبة للجماعة "حرب بقاء" مع النظام
المتمثل فى الفريق أحمد شفيق، الذي لم يترك فرصة إعلامية إلا وشن هجومــًا
على الجماعة، بل وأقدم على تغيير شعار حملته الانتخابية من "الأفعال وليس
الأقوال" إلى " المواطن هو الحل " ليضع نفسه فى مواجهة الجماعة، فهل تستطيع
الجماعة أن تلملم أوراقها لتربح المعركة التى تبدو وكأنها الأخيرة ؟!
* من أعمالى فى مستعجل نيوز

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق