الاثنين، ديسمبر 17، 2012

يا عزيزى كلنا خرفان



قبل قراءة هذ المقال القصير يجب أن أقر وأعترف ..على فكرة يا جماعة أنا مش إخوان..على الرغم أنها ليست "سبة"..لكن يبدو أن الواقع المصرى الآن يجعلها كذلك وربما ينقلها إلى خانة "الجريمة العظمى".. اكنى فعلا لا انتمى للجماعة أو الحزب .

لماذا اشتهر فى الفترة الأخيرة إطلاق أسم "الخرفان" على مؤيدى جماعة الإخوان المسلمين؟


الموضوع تقريبا حدث بالمصادفة البحتة عندما اقترب عيد الاضحى مع تصرفات جماعة الإخوان المسلمين فى "الإنقياد" الكامل إلى المرشد العام ، فاطلق أحدهم لفظة "خرفان المرشد" على أعضاء الجماعة ، ليلصق بهم "وصمة" اعترف فيها الدكتور فاضل سليمان فى حديث تلفزيونى أنها تسبب "أزمة نفسية" لأعضاء الجماعة.

السؤال الذى يدور فى ذهنى.. مالذى يقوم به أفراد الجماعة لتجعلهم "خرفان" وتجعل أعضاء الحركات أو الاحزاب السياسية "كائنات أخرى"؟!

حقيقة لم أجد إجابة نهائية وقاطعة سوى أن "كثرة" و"قوة" التنظيم مقارنةً بالتنظيمات الأخرى هى من يدفع لذلك ، على الرغم من أن حشد "حزب الدستور" أو "حزب النور" السلفى يتخذ نفس المواقف ، وهذا ما حدث فى التحرير ضد الإعلان الدستورى ن لماذا لم نقل يومها أن من فى التحرير "خرفان البرادعى وحمدين وعمرو موسى"؟!

الفكرة ببساطة تتلخص فى كلمة واحدة.."الأنقياد"..فإن كنت عضواً فى جماعة الإخوان المسلمين أو حتى عضواً فى حزب اشتراكى أو ليبرالى وتتعصب لأفكاره دون ترك مساحة إختلاف فأنت عزيزى القارئ.."خروف"

إن كنت تبنى رأيك لمجرد استمالات عاطفية دون أن تمرر المعلومات على العضو بداخل جمجمتك والمميز لك عن باقى الكائنات الحية .. فأنت "خروف".

إذا كنت تسمح لفكرة أو مبدأ أن يقودك إلى التعصب لها ، أو تبرر حتى ما يراه البعض أخطاء..فأنت "خروف".
وإذا تمعنا النظر فى سلوك غالبية الناس حولنا ..سنعرف أن الأغلبية "خرفان" حتى وإن تعددت مكاتب الإرشاد

ولا عزاء للخرفان الحقيقين

يسرا سلامة
14-12-2012


الاثنين، ديسمبر 10، 2012

نصائح فى الصحافة الإستقصائية - ورشة عمل


هذه بعض من النصائح فى الصحافة الإستقصائية :
  • الصحفى لا يتعامل مع الآخبار على إنه "ممر" تعبر أخبار العالم من خلاله لينقلها ، يجب أن يشك ويسأل لمزيد من التأكيد على صحة معلوماته
  • أن مهنة الصحفى ليست "نقل" الأخبار ..وإنما التأكد من صحة المعلومة لإن كل ما يخبر به هو "مسئول" عن "الدفاع" عن صحته امام العالم
  • الصحفيون فى المجتمع هم "كلب حراسة"..ولن تكون كلب حراسة دون أسنان..وأسنانك هى معلوماتك حول قصتك الصحفية
  • انقل خبراً متاخراً لكن صادقاً خيراً من خبر سريع تشك فى صحته
  • لا تجعل "ضغط السرعة" فى نقل الحدث يبعدك عن التحلى بالمصداقية فى نقل الاخبار
  • الصحفى مثل "الحاجز" الذى تمر من خلاله الاخبار لكى يتاكد "هو" من صحتها وليس فقط نقلها
  • القاعدة الذهبية فى صناعة الخبر..سل مصدرين مستقليين وليس لهما علاقة ببعضهما
  • الصحفى هو الشخص الوحيد فى المجتمع المخول له التأكد من صحة الاخبار
  • يجب على الصحفى ان يدرك أن الناس لها "الحق" فى معرفة معلومة صحيحة
  • على الصحفى الحذر من الوكالات الأخبارية الكبرى لإنها أيضاً تخطئ أحياناً
  • اعلم أن كل المصادر الصحفية لديها "مصلحة" ما فى الحديث معك ..احذر التضليل من المصادر وحادث أكثر من مصدر
  • لا يجوز للصحفى الاعتماد على مصادر مثل الانترنت او الوئاثق فقط فى قصته ،إن امكن الرجوع الى مصادر اولية من "البشر"
  • فى تحقيقك الحفى عليك تحديد "الهدف" منه و"المسئول" الأول فى المشكلة محل البحث
  • عند بداية قصتك الصحفية لاتضيع وسط "تفاصيل" حولها ..فقط ركز على المسئوليين وأطراف المشكلة فى التحقيق
  • ويكيبيديا وغيرها من المواقع ليست مصدراً موثوقاً لقصتك الصحفية..هى فقط تضعك على "بداية" الطريق للتعرف على المشكلة
  • تحرى الدقة أن يكون مصدرك الصحفى هو الشخص الصحيح للإدلاء بالمعلومات ،وألا يكون له مصلحة مباشرة فى ذلك
  • لا تكون "كرة" بين قدمى مصدرك...اعمل عقلك فى مصلحته وسل اكثر من شخص
  • دور الصحفى تفسير الأرقام والاحصائات للقراء وليس تقديمها كما هى
  • لا تتعلل بالظروف وضغوط السرعة فى العمل الصحفى ، القارئ لا يعرف الظروف التى تمر بها من أجل اتمام قصتك الخبرية
  • استخدم الانفوجرافيكس لتوضيح أرقام او احصائات تساعدك فى "تبسيط" الفكرة للقراء
  • مشاهداتك الشخصية والاخبار اليومية وقصص الأصدقاء ..كلها أشياء تعطيك أفكار لقصص صحفية جديدة
  • المراكز العلمية والبحثية والجامعات والمراكز الحقوقية ..كنوز غنية بالمعلومات لقصتك الإخبارية
  • لا تنتحل ابداً شخصية أخرى للحصول على معلومات الا إذا فشلت فى الحصول عليها وانت تعلن عن شخصيتك
  • اللجوء إلى التخفى والانتحال للصحفيين لا تزال منطقة "رمادية" فى قانون العمل الصحفى
  • حافظ على سلامتك أثناء العمل على قصتك الإخبارية، لايجوز أن تكون "ضحية" لقصتك
من ورشة عمل الصحافة الإستقصائية بمصراوى من الصحفية سارة نجيم من دوتشيه فيليه بتاريخ10-12-2012


الأربعاء، نوفمبر 21، 2012

محمد مرسى عامل المزلقان




يقف عامل مزلقان السكة الحديد فى صباح يوم السبت الدامى ، تغفو عينه النوم وأهمل
 مسئوليته لتكون كارثة أسيوط واحدة من كوارث مصر التى تضاف الى سجل كوارث حوادث الطرق ، التى تحتل فيها مصر المركز الثانى على مستوى العالم، ومصر فى هذا المركز منذ فترة طويلة من قبل الثورة ، لكن الآن يجب أن يتم المتاجرة بدماء أسيوط من أجل حصد المزيد من "المكاسب السياسية".
لا أفهم هل كان يجب أن يترك الرئيس موقعه من أجل الوقوف على مزلقان فى واحدة من محافظات مصر ؟ هل محمد مرسى "آله" يجي أن يقرأ القدر ويعرف كل شئ ، الأهمال الجسيم المتواجد فى كل قطاعات الدولة هو مسئولية كل أجهزة الدولة ، و لا يستثنى مرسى ، لكن هى بالقطع ليست مسئوليته الوحيدة.
كثرة الإنتقادات والتمادى فيها على الرئيس تفرعنه ، وتجلنا ننسى أو نتناسى أن للقضية بعد "قضاء وقدر" ، فأى رئيس سيأتى ستحدث فى عهده كوارث على طرق مصر ، فلا داعى للمزايدة.
كما أن كلامى هذا لا يعنى بالضرورة ان نبعد المسئولية السياسية على كل مسئول أن يهتم بقطاع الطرق ، وان تتم مسألة قطاع السكة الحديد على القروض والاموال الممنوحة له من أجل تطوير المزلقنات والطرق ، ولم يحدث ،أهالى الشهداء الأطفال صابرون ومتحملون ومؤمنون ، فلماذا نزايد عليهم ونتاجر بهم ؟  
انتقدوا الرئيس ولا تبالغوا .. وليتحمل كل منا مسئوليته فى موقعه ، ورحم الله الشهداء 
الأطفال الأبرياء  

السبت، نوفمبر 03، 2012

إيلوثيريا

مقال لباسم صبرى من المصرى اليوم بتاريخ 31/10/2012..جذبنى كل حرف فيه واحببت أن أحتفظ به هنا على المدونة الخاصة بى
"أجلس مع نفسي أُسَطِّر هذه الكلمات وأنا أفكر في مرحلة جديدة من عمري، تبدأ سنواتها بالرقم ٣ بدلاً من الرقم ٢. شعرت بالهلع على مدار الأسابيع السابقة لهذا التحول، وازداد هلعي كلما اقترب ذلك اليوم الفاصل في أواخر شهر أكتوبر. ثم أتى ذلك اليوم ومر، ولا أزال موجودًا، ما زالت ملامحي هي ذاتها ملامحي منذ أسبوع مضى، كل ما تغير هو إدراكي لبعض الأشياء. فجأة، مرت كل أعوام عمري حتى يومي هذا أمام عيني، ووجدت نفسي أدرك في لحظة واحدة كل ما أدركته على مدار تلك الأعوام كلها.

لم أصبح رائد فضاء، بل وأنهت أمريكا رحلاتها إلى القمر، وبدلاً من أن أصير رجل شرطة صرت أكتب مقالات عن تطهير الداخلية. لم أتزوج الممثلة الأمريكية وينونا رايدر كما كنت أريد منذ سنوات، بل وتم إلقاء القبض عليها بتهمة سرقة المحلات، وسعدت بأنني لم أسع وراء تلك الزيجة. أحببت مرة أو مرتين، وربما ثلاث مرات، وشعرت عندما فقدت من أحببت أن العالم قد انتهى حرفيًّا، وتألمت جسديًّا كما تألمت روحيًّا، واختبرت مشاعر لست متأكدًا أنني كنت سأرغب في أن أختبرها عن عمد، ولكنني الآن أكثر اكتمالاً كإنسان كوني قد مررت بها، ثم أحببت ثانية وفقدت ثانية، وكان الألم أقل. والآن، فالحب بالنسبة لي هو شيء أقل براءة وربما أقل عفوية في الكثير من الأشياء، ولكنه صار شيئًا أسمى وأعمق، وهذه مبادلة أتقبلها، كما وجدت أن أحلى الحب هو الحب الذي يكون أنت وحبيبتك فيه أقرب الأصدقاء أيضًا، فتشتاق لمحادثتها كما تشتاق لأن ترى وجهها.
خذلني الكثيرون ممن وثقت بهم، واكتشفت أن الثقة العمياء ليس لها مكان في الحياة، وخسرت أصدقاء وكسبت أصدقاء، وأدركت أن لا أحد يريدك أن تكون أفضل منه في أي شيء. وتعلمت أن كل البشر هم بشر، وأننا علينا أن نتقبلهم كما هم دون أن نتوقع منهم أن يكونوا ملائكة، فعدت إلى محبتي حتى لمن خذلوني. وتعلمت أيضًا أنه لا يوجد بشر عظماء وخارقين كما كنا نراهم يومًا عن بعد أو عندما كنا أطفالاً.
اكتشفت أن أفضل من قابلت في حياتي هم لا شيء كما يصورهم البعض أو كما تصورتهم أنا، ولكن القلائل منهم الذين يقتربون بالفعل من العظمة هم هؤلاء الذين يعرفون أنهم ليسوا سوى بشر، وأنهم مهما تقدم بهم العمر فإنهم لديهم ما يتعلمونه ويفهمونه، من الصغار قبل الكبار، فقد يتقدم بك العمر ولا تزداد حكمة، بل وربما قد تقل حكمتك وتزداد - إن زدت - عندًا وغرورًا. وتعلمت في هذا الإطار أن الغرور هو أخطر ما يقتل البشر، وأن أسوأ أنواع الغرور هو ما يعمي صاحبه عن وجوده، فيتصور أنه فعلاً إنسان عظيم ولا يخطئ، وأن الكل لا يفهمه أو يفهم ما يجري.
تعلمت أن الإنسان عليه أن يفكر جيدًا قبل أن يتخذ قراره إلا أن الكثير من التفكير قد يشل البشر أيضًا، وأنه أحيانًا علينا أن نقفز في البحر ثم نحاول في قدر من الذعر أن نكتشف كيفية العوم. وتعلمت أن هناك من البشر من يحترف رؤية السيئ في كل شيء وتوقع فشله، ولذته السادية في الحياة هي في إحباط ذاته ومن حوله، فلا يعلون ولا ينجحون مثلما هو فقد الأمل في العلو والنجاح. وكان أفضل ما فعلت في حياتي هو التخلص من هؤلاء بعد أن يئست من تغييرهم، مهما كان حبي لهم ومهما كان قربي لهم. وتعلمت، في المقابل، أن هناك بشرًا مذهلين، إن سألتهم إذا كان يمكن تحطيم جبل ضخم بملعقة فيجيبون أن كل شيء ممكن إن أحسنا التفكير وأصررنا على ما نريد، بل ويبدأون فورًا في التفكير في العمل ذاته بدافع من الفضول ومن التحدي للذات. وبعضهم بالفعل يجد شقًّا في الجبل، وفور أن يضرب ذلك الشق بملعقته الضئيلة فإذا بالشق يمتد في الجبل كله فينهار، فكل شيء ممكن لمن يؤمن ويفكر ولا ييأس. وكان أعظم ما تعلمت هو أن أحيط نفسي بمن أريد أن أكون مثلهم، أو من أريد أن أتعلم منهم، وكان أعظم ما تعلمت هو أن أفكر فيما أريد وما أريد أن أكون، وليس فيما لا أريد وما لا أريد أن أكون.
وتعلمت شيئًا أو اثنين عن العمل. فأحيانا علينا أن نحب ما نعمل، ولكن أكثرنا حظًّا هو من يحب ما يعمل. وعلينا أن نكون جيدين فيما نعمل، وألا تشغلنا المنافسة الفارغة عن هدف العمل ذاته، وأن نرى أي قيمة فيما نفعل، فتصبرنا تلك القيمة على سخافات الأيام. كما تعلمت أن العِلم هو حليفك الوحيد الذي لا يمكن أن يتخلى عنك، وأن الموهبة دون العلم لا تصل بك إلى ما تحتاج الوصول إليه، وأن «شعورك الداخلي» بالقوة وثقتك في مشروعك بالرغم من تشكيك الآخرين فيه علميًّا هو أحيانًا ضرب من ضروب جنون العظمة، وليس بالضرورة دليلاً على إصرارك.
كما تعلمت أن الموت أنواع، وأن بعض البشر يختار أن يموت بينما قلبه لا يزال ينبض وعينه ترى وجسده يتحرك ولسانه ينطق. هؤلاء يسيرون بيننا ويبدون أحياء، وهم - على أفضل تقدير - في غيبوبة. بعضهم يمكنه أن يستيقظ إن قرر أن يكسر خوفه من الحياة، وإن أراد أن يدرك أن الخوف من الفشل - أو من الاعتراف بالحقيقة ثم تقبلها والتغير على أساسها تباعًا، كليهما - أسوأ من الفشل ذاته. إلا أنني أدركت أيضًا أن البعض يحتاج صاعقة من الخارج لتفيقهم، وأحيانًا هذه الصاعقة لابد أن تكون أنت، كما أنني تعلمت أن البكاء ليس عيبًا، إلا أن تعود البكاء عيب.
عشت طفولتي معتقدًا أن مصر هي مركز الكون بسبب «موقعها الجغرافي المتميز ومناخها الحار جاف صيفًا ودافئ ممطر شتاء» كما قاموا بتحفيظنا بالمدارس، واعتقدت أن حسني مبارك هو أعظم رؤساء العالم كما كان يكتبون في الأهرام وتقول القناة الأولى، واعتقدت أنه لا يمكن أن يكون هناك بشر جيدون بعيدًا عمن كانت عقيدتهم كعقيدتي. ثم سافرت، ونطق لساني اثنتي عشرة لغة، وسمعت أذناي مائة وعشرين. ورأيت أوروبا وأمريكا والهند والصين ودول العرب، فرأيت من يسب رئيس دولته في الإعلام في أعظم الدول تقدمًا، ورأيت أن المجتمع يرى أن هذا ثمن مقبول للحرية، وأن من يترشح ضد ذلك الرئيس ويقول بفشله أمام العالم كله لا يجد نفسه قابعًا في زنزانة بعد الانتخابات. رأيت أحزابًا وتيارات تتنافس من أجل الفوز بثقة وأصوات شعوبها عن طريق التنافس على خدمتهم ودون تقسيم لأفراد الشعب إلى أعداء وحلفاء، ورأيت - مصدومًا - أن بعض الدول لا ترى أن الرئيس مبارك هو أعظم رؤساء العالم كما كانوا يقولون في الأهرام وتقول القناة الأولى، بل إن بعضهم لا يعرف حتى من هو حسني مبارك، وأن الكثير من الأنظمة تحاول أن تقنع شعوبها بأنها مركز الكون وأن حكومتها وزعيمها هما الأهم في العالم. ثم رأيت الشعب ذاته - وأنا منضم إليه - يثور ليُسقِط مبارك ونظامه، فإذا بذات الأهرام وذات القناة الأولى تحتفلان بسقوط ذات الطاغية الذي كانتا ترددان اسمه منذ أيام!
كما عرفت أن الحدود من صنع البشر، وأنك فردًا من البشرية قبل أن تكون فرنسيًا أو صينيًا أو أمريكيًا، وأن الوطنية العمياء هي فكرة من الماضي، وأن القدر هو السبب أنك وُلدت كما وُلدت.
كما قابلت هندوسًا وبوذيين ومسيحيين ويهودًا ولا دينيين ومن لا يزالون يبحثون وغيرهم، وقابلت ذوي البشرة البيضاء والسمراء والصفراء والحمراء والبنية وبين البينين وما يصعب تصنيفها، ووجدتهم كلهم بشرًا مثلي، منهم من هو أفضل مني ومنهم من لا أريد أن أكون مثله، وصرنا أصدقاء وصرت كإنسان أكثر ثراء، وأدركت أن البشر شيء واحد، وأن التعايش ممكن، وأننا لابد أن نلفظ دعاة الكراهية بيننا، وأننا سنحقق بالقلم والكلمة أكثر وأسرع بالكثير مما سنحققه بالأسلحة والجعجعة، وأننا علينا أن نسمو فوق قادتنا وجماعاتنا وأحزابنا وحكوماتنا ومصالحهم. وبالإضافة، فقد صرت أكره كل محاولات تصنيف البشر إلى أيديولوجيات ومجموعات محددة ومعلبة مسبقًا، فذاك ليبرالي وذاك يساري وذاك إخواني وذاك أناركو-سينديكالي، وكأنه لا يوجد من يمكنه أن يؤمن بخليط من تلك الأفكار، أو من يمكنه أن يبتكر فكرة جديدة، مع إدراكي أن بعض البشر ليسوا مولعين بالضرورة، في بادئ الأمر، بالأفكار الجديدة أيًّا كانت. كما تعلمت أننا كلنا تقريبًا، على اختلافنا، قد أدركنا القاعدة الذهبية للإنسانية: أن تفعل لغيرك ما تريده لذاتك، أيًّا كان، وألا تفعل في غيرك ما لا تريده لذاتك، أيًّا كان، وأن ما تفعله سوف يُرد إليك أضعافًا مضاعفة، المر والحلو منه.
تعلمت أنه لن يمكنك مساعدة غيرك دون أن تساعد نفسك أولاً، إلا أنني أدركت أن أعظم شرف يمكن أن يحدث لك هو أن تأتي لك فرصة حقيقية لأن تساعد ولأن تُسعد إنسانًا آخر.
أدركت أنه ليس من حق أحد البشر أن يتحكم في بشر مثله إلا فيما لا يؤذي غيره، وأننا أقوى بكثير من الظروف بأكثر مما تصورت. أدركت أنه ليس من حق أحد أن يُِسكِت أحدًا أو أن يتحكم فيما يقرأ أو يعرف، فهو بشر مثله مثل غيره وليس أفضل من غيره لكي يتحكم فيه إن كانت الأدوار معكوسة. كما أدركت أن الحرية ليست فقط هي الحرية من قيود السلطة والقوانين المجحفة، ولكنها أيضًا الحرية من قيود توقعات الغير لك، والتوقعات غير المنطقية للذات، وألا تخلط بين ما تريده أنت وما يريده من حولك والقريبون منك لك، وبين ما يعتقد المجتمع أنه هو الصواب الأصوب لك وللكل، وأن تختار أنت بذاتك ما تريده أنت لذاتك، حتى ولو كان كل ما سابق ذاته. كما تأكدت أنه إن قام المرء بالسكوت يومًا عن ظلم وقع لغيره لأنه لا يعنيه مباشرة أو لأن ذلك الظلم قد يفيده أو يريحه بصورة ما، فسيأتي اليوم الذي يقع فيه الظلم ذاته أو أسوأ منه على ذات المرء، ولن يتحدث أو يأتي أحد دفاعًا عنه، وسوف يحس المرء بمرارة الشعور باستحقاقه لما يحدث له.
وأدركت أن أغلب من يتحدثون بغضب وصوت عالٍ عن أفكارهم دون داعٍ هم خائفون ومهزوزون. ووجدت أغلب البشر شديدي الثقة بشكل مستفز في أيديولوجياتهم وأفكارهم السياسية والاقتصادية والفلسفية، وكأن كل من حولهم غبي مخدوع أو ساذج أو سيئ، وأنهم هم وحدهم من أدركوا كل شيء، وأدركت أنه لا يوجد إنسان واحد يجيد تحييد تحيزاته الإنسانية قبيل قيامه باتخاذ قرار أو تبني موقف، فكل إنسان لديه ما سيريحه بحياته ولن يختار بسهولة الحقيقة إن أبعدته عما يرتاح إليه، وسيقوم تلقائيًّا بالبحث عن الحقيقة في أي شيء بالشكل الذي يوصله إلى ما يريد مسبقًا الوصول إليه. وعرفت أن مقولة «لا أعرف، ولست متأكدًا، وربما لن يمكنني التأكد تمامًا» هي موقف مقبول جدًا، فأنا لن أعرف كل شيء، ولن أفهم كل شيء، وإن حاولت أيهما فلن أجد الوقت لفعل أي شيء. كما أدركت أنني عليَّ أن أراجع ذاتي إن وجدت نفسي دائمًا متفقًا مع من حولي ومشابهًا لهم، أو إن وجدت نفسي دائمًا أختلف معهم ولا أشابههم. وتأكدت أنني مهما كنت مقتنعًا ومنبهرًا برجل علم أو فكر، فيجب أن أفكر في كل ما يقول، وأن أقتنع بكلامه عن حق إن استحق ذلك، وأن أفكر أكثر وأعمق في الأقوال كلما زاد تعلقي بذلك المعلم. واكتشفت أنه من الأفضل أن أفكر قبل أن أنطق، بدلاً من أن أفكر في ندم بعد أن أنطق، فالكلمة تظل إلى الأبد، كما أن الله قد خلقنا بفم واحد وأذنين اثنين، لكي ننصت ضِعف ما نقول.
تعلمت ألا أحسد إنسانًا، وأن أكون على دراية مستمرة بما أنعم الله عليَّ به، وأن أتذكر كلما ساءت الظروف أن هناك من ظروفه هي أكثر سوءًا مني. تعلمت أن أغلى ما لدي هي صحتي وإرادتي وعزيمتي وعلمي، وأنه يوجد شيء واحد فقط أغلى منها: أهلك وأسرتك وأصدقاؤك الحقيقيون ومن يحبك. أما العلم، فكل منا عليه أن يبحث عن العلم بكل صوره، وأن يقرأ ويلتهم الكتب والأشعار والموسيقى والعلوم، وأن يعرف شيئًا ما عن كل شيء وأن يعرف كل شيء عن شيء ما. وأما العزيمة تجاه شيء ما فلا يتفوق عليها سوى العزيمة لشيء أهم. وأما الصحة، فهي ليست فقط واجبًا لك من أجل ذاتك، بل هي أيضًا من أجل من تحب ومن يهمك ومن يحتاج إليك؛ وأما الصديق والأهل والحبيب، فلتدافع بشراسة عن أصدقائك الحقيقيين وعن بقائهم في حياتك ولا تنشغل أكثر مما ينبغي عنهم، وكن هناك فورًا إن احتاجوا إليك؛ ولتعمل من أجل إسعاد أسرتك وتشريفهم ورفع رأسهم عاليًا أمام الدنيا، مهما تطلب الأمر، ولتحفظ شرف من تحب ولتعمل من إجل إسعاده في وجوده أو في غير وجوده. هؤلاء هم أعظم وأثمن ما يمكن أن تعثر عليه في حياتك، ولا تدخر جهدًا من أجل إسعادهم، ولا تجعل الرغبة التي هي في غير محلها بالشعور بالكرامة تبني - أحيانًا - جدارًا أحمق عازلاً بينكم، ولا تدع أي إنسان أو أي شيء يقوم بتفريقكم، وإن قال لك شخص ما إن أحد هؤلاء الأقربين قد أساء إليك، فتأكد أولاً، ثم اغفر ما يمكن غفرانه. وإن أسأت إلى أحد منهم، فلا تنم دون مصالحته، فقد لا تجد تلك الفرصة غدًا وسوف تندم طوال عمرك.
علمت أن الحياة دون هدف كالقارب دون وجهة، تعصف بها الرياح كما تشاء. الحلم هو أحلى ما في الحياة، والحياة دون حلم كالهيكل العظمي الذي ليس له ملامح، وأن الحلم غير المبني على الواقع والواقعية سيصير كابوسًا يسقط بك من أعلى، وأن الحلم الذي لا يتحدى الواقع ولو قليلا قد يكون حلمًا غير كاف. وتعلمت أن أسير إلى الأمام إلى هذا الحلم والهدف كل يوم، ولو كان ذلك بخطوة واحدة، بدلاً من أن أهرول يومًا وأن أقف يومًا وأن أتراجع يومًا، وأن الطريق أمتع من الوجهة. وتعلمت أن أتقبل كل ما حدث في حياتي، وما لا يمكنني تغييره اليوم، وأن أغير ما يمكنني تغييره، وأن أعرف الفارق بينهما. كما تعلمت أنني يمكنني أن أتغير إلى الأحسن، مهما تقدم بي العمر، وأن الشباب والشيخوخة هما حالتان في الذهن قبل أن يكونا حالتين في الجسد، وأن أحاول أن أستيقظ كل يوم إنسانًا أفضل من اليوم الذي سبقه، ولو كان ذلك بمقدار بسيط، وأن أفعل ذلك كله مبتسمًا ولو رغمًا عني، فالابتسامة تبقيك وتبقي غيرك أحياء، والابتسامة صدقة."

الخميس، نوفمبر 01، 2012

حزب مصر القوية يتقدم بأوراقه للجنة شئون الأحزاب اليوم الأربعاء 31-10-2012



تقدم اليوم حزب مصر القوية باوراق تأسيسه للجنة شئون الاحزاب وشمتلت أكثر من 8500 توكيل بالاضافة إلى برنامج الحزب ولائحته الداخلية . واحتشد منذ الصباح المئات من أعضاء الحزب ومؤيديه إحتفالا بتقديم أوراق تأسيس الحزب 

صرح أحمد أمام عضو لجنة الاتصال السياسي بالحزب بمناسبة تدشين حزب مصر القوية قائلا " اليوم أن شاء الله سوف نحاول أن نخطو خطوة للأمام علي طريق كسر حالة الاستقطاب فنحن نحلم بوطن واحد يسع الجميع علي اختلافهم واستقلال وطني وانحياز للفقراء والمهمشين".

وأضاف محمد عثمان عضو لجنة الاتصال السياسي أن اليوم ولادة حزب جديد كان وأعضاءه جزء لا يتجزء من الثورة يسعي للعدالة للاجتماعية وطرح سياسات بديلة ولتحقيق الاستقلال الحقيقي الوطني الحقيقي وسوف يخوض الحزب معاركة بعيدا عن الاستقطاب المدني الإسلامي وسيكون معارض قوي للسلطة".


وجه الدكتور عبدالمنعم ابو الفتوح وكيل مؤسسين حزب مصر القوية كلمة للمئات من مؤسسي الحزب وانضاره أمام دار القضاء العالي بالتزامن مع تقديم الحزب لأوراقه إلي لجنة شئون الأحزاب.

وقال ابو الفتوح أن الحزب سيبذل أقصي ما في وسعه ليكون بعيدا عن صراع الاستقطاب المدني الديني وللقصاص للشهداء وإن يسعي أن تكون مصر قوية للجميع والكل شركاء فيها.







الأربعاء، أكتوبر 17، 2012

قناة "الاهلى" تحيى ذكرى ميلاد "البنا" ..ونشطاء:"البنا" صاحب هدف مصر فى الاهلى!


ياسر أيوب: جماعة الإخوان المسلمين أهلاوية ..ونشطاء:""البنا" صاحب هدف مصر فى الاهلى!


يسرا سلامة

تداول عدد من نشطاء و مستخدمى مواقع التواصل الإجتماعى فيديو للإعلامى الرياضى "ياسر أيوب" بقناة الاهلى ، أثار دهشة البعض وغضب البعض الأخر ، حيث تناول الإعلامى فى مقدمة حلقة برنامج "الأهلى اليوم" من حلقة اول أمس ، تنويه إشادة واحتفاء بذكرى مولد الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين ، ووصفه بأنه أول من ألتفت إلى أهمية لعبة كرة القدم.

وقال الإعلامى الرياضى "ياسر أيوب"مقدماً للحلقة :" مع كامل التقدير والاحترام لجماعة الإخوان وإعلامها وإعلامييها وصحفها وبرامجها، إلا أنني أتوقف اليوم،  لأحتفل بذكرى ميلاد الإمام حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسليمن، لست أتوقف لأحتفل أوأهتم بالبنا لأنني من الإخوان، أولأن ذلك مفروض عليّا، وإنما أتوقف لأحتفل بذكرى ميلاد مواطن مصري كان له دوره الهام سياسيًا، واجتماعيًا، ودينيًا، ورياضيًا أيضًا".

وقد أضاف "أيوب" فى كلمته عن إسهامات حسن البنا الرياضية  قائلاً:" كان أحد الذين أدركوا حجم وقيمة ومدى تأثير كرة القدم، فكان من الأوائل الذين التفتوا إلى هذه اللعبة في التاريخ السياسي المصري، وقرر حسن البنا أن يستغل كرة القدم وشعبيتها، في إطار الدعوة لمزيد من الشعبية والرواج والتأثير لجماعة الإخوان المسلمين، وان هناك اكثر من تسعة وتسعين فريقاً كروياً فى جماعة الإخوان المسلمين".

واستمرت وصلة المديح من الرياضى "ياسر أيوب"  فى ذكرى مولد الإمام ، قائلاً أن البنا كان صديقًا عزيزًا وقريبًا جدًا لـ"محمود مختار التتش" أحد نجوم الاهلى الكبار، ورغم هذه الصداقة العميقة لم يكن يصر مؤسس الجماعة على حضور مباريات النادي الأهلي، لكن الصداقة بينهما أدت إلى أن يصح البنا مشجعًا أهلاويًا، وبالتالي تحولت الجماعة إلى جماعة أهلاوية، خاصة وأن معظم قادة الجماعة ومديري شؤونها يشجعون النادي الأهلي، بحسب وصف "أيوب".

المقدمة التى زادت عن ست دقائق كانت سبب فى إستياء بعض النشطاء خاصةً من جمهور النادى الاهلى ، حيث قال الناشط "أحمد زكى" :ياسر أيوب يثبت ان النفاق أسلوب حياة " ، وقال "محمد" : "يجب دعوة لمقاطعة قناة النادى الاهلى بسبب هذا الفيديو ، لماذا تحتفل قناة رياضية بذكرى إمام ينتمى للجماعة" ن بينما علق "محمد الكومى" ساخراً :" بعد كلمة ياسر أيوب عن حسن البنا و دوره الرياضي كنت منتظر أن يقول أن الإمام هو صاحب هدف مصر في مرمي شباك هولندا في كأس العالم 1990!"

الثلاثاء، أكتوبر 09، 2012

"يهود مصر" ..حكايات اليهود من الملاحقات الأمنية حتى شاشة السينما


مخرج فيلم "يهود مصر" : "يهود مصر ممنوعون من دخول مصر حتى الآن"
"يهود مصر" ..حكايات اليهود من الملاحقات الأمنية حتى شاشة السينما

يسرا سلامة

"يوجد لدى الشعب المصرى كثير من الخلط بين اليهودية والصهيونية والإسرائيلية الأمر الذى دفعنى من أجل بدء فيلم للبحث عن آخر اليهود فى مصر ولماذا رحلوا عنها أو هُجروا منها " قال "أمير رمسيس" المخرج السينمائى ومنتج الفيلم التسجيلى عن "يهود مصر" والذى يحمل نفس الأسم ، والذى سعى فى فيلمه الكشف عن المزيد من حكايات اليهود ، وتوثيق ما تعرضت له الطائفة اليهودية فى أخر عهدها على أرض المحروسة.

"يهود مصر" هو الفيلم المصرى الوحيد الذى عُرض على هامش بانوراما الفيلم الأوروبى فى دورته الخامسة  أمس ، فى احتفال شهد حضوراً كبيراً من السينمائيين والنقاد ومحبى السينما ،يحكى "رمسيس" كيف بدأت له فكرة الفيلم ويقول : "من الصعب أن أحدد من أين بدات الفكرة  لكنى مهتم بالموضوع من بدايات الألفية الجديدة ن بدات فى البحث عن ما احتاجه من مواد ومعلومات عن الفيلم فى عام 2005 ، حتى انتقلت فى عام 2008 بين عد من المحافظات مثل الاسكندرية والقاهرة للكشف عن تفاصيل حياة اليهود ، بالإضافة إلى مدينة باريس لإجراء حوارات مع اليهود المهاجرين إليها من مصر".

ويقول "رمسيس"  أنه واجه صعوبات كثيرة خلال التصوير مثل صعوبة التصريح للتصوير داخل المعابد اليهودية فى مصر ن بالإضافة إلى خوف اليهود من الملاحقات الامنية ، الأمر الذى تطلب جهد كبير لإقناع اليهود أن يتحدثوا أمام الكاميرا دون خوف ، حيث يقول "رمسيس" : "اضطررت إلى تحضير ومونتاج بعض المشاهد وعرضها عليهم لكى يطمئنوا لإستكمال الحوار".

ومن الأشياء المفاجئة عن الطائفة اليهودية التى حدثنا عنها "رمسيس" أن كثير من اليهوديين اللذين كانوا يعيشون فى مصر تنازلوا عن الجنسية الإسرائيلية لكنهم ملاحقيين أمنياً وممنوعين من دخول مصر ، على الرغم من أن من يحمل الجنسية الإسرائيلية يستطيع الدخول إلى مصر دون أى مضايقات امنية ، فالملاحقات الامنية لليهود بدات بعد ثورة يوليو فى عام 1954م .

ويقول "رمسيس" أنه لم يسعى إلى أن ينتج أحد الفيلم لإنه يريد ألا تُفرض عليه اجندة لطريقة تناول الفيلم سواء من منتجيين عرب او أوروبيين ، حيث تولى "رمسيس" وزميله "هيثم الخميسى" مسئولية انتاج الفيلم ، وتدور أحداث الفيلم في 52 دقيقة، مقسمة إلى جزءين أولهما: قبل ثورة 1952 وهو يهتم بالمجتمع وحنين يهود مصر لحياتهم وذكرياتهم فيها والجزء الثاني، بعد الثورة يركز على الجانب السياسي في القضية من خلال حوارات مع شخصيات متباينة ، ويحكى فى الفيلم عدد من اليهود شهاداتهم وذكرياتهم  ، حتى حقبة جمال عبد الناصر التى كانت بمثابة النهاية الحقيقية لوجودهم فى مصر "يهود مصر"  عُرض لأول مرة ببانوراما الفيلم الاوروبى ، وينتظر المشاركة فى المزيد من المهرجانات العربية والعالمية 

الخميس، سبتمبر 27، 2012

عن مهنة الصحافة والأرزقية


الناس بتفرح بينا كصحفيين ، فاكرة يا ما هنا يا ما هناك..متعرفش ان الحقيقة إننا احنا اللى محتاجينهم عشان نثبت كل لحظة أن وجودنا له لازمة ، وأن فى مننا حياتهم مبنية بشكل ما على حياة البشر وحكاويهم ، وقصصهم المليانة بالتفاصيل اللى بتبهرنا ، وبتملى خيالنا ، أحنا والله غلابة قووى ومش تواضع ولا انكار ذات ، أغلبنا فعلاَ أرزقية ، وزيه زى اللى بياخد على كتفة حبة الملبس ويلف بيهم عشان يطلع برزقه فى اليوم، أحنا كدة برضه ، وربنا بيرزقنا الحمد لله ،محدش يفتكر أن الصحفيين دول ياما هنا يا ما هناك..فى ناس أتحولوا كدة مع الوقت ، لإن معاملة الناس ليهم غرتهم بأنفسهم ، بس كمان فى ناس لسة محافظة على حبة البياض اللى جواها ، وبتحاول تتغلب على مغريات ، انا واحدة من الناس اللى مصدقة أن المهنة دى فيها المحترمين كتير بس مش ظاهريين ، وأن الفرصة الحقيقة للصحفيين النضاف ، المؤمنين بأن الإنتصار الحقيقى للصحفى من الحكايات "العادية" والبسيطة من الناس، ويمكن يكون صحفى 
"علاقاته" بتوصله بالرئيس والسلطة ، لكن مش هو ده المعيار الحقيقى.

الجمعة، سبتمبر 21، 2012

"البحر بداخلى"..صراع "القتل الرحيم" الذى يخلقه "خافير باردام"



الكتابة عن فيلم "البحر بداخلى" للممثل القدير خافير بردام الأسبانى الأصل لا تخلو من المخاطرة ، إذ أن الفيلم يحوى إبداعاً وتشويقاً يؤثر على كل النقاد ، الفيلم يبدو فى بدايته فيلماً بسيطاً يتناول حياة رجل قعيد مشلول أسير غرفته وسريره ، وقد قضى بينها أكثر من عشرين عاماً إثر حادثة فى البحر أفقدته الإحساس بأطراف جسده ، لكن سرعان ما يتلاشى الإحساس ببساطة الفيلم ، لتدرك أنك أمام عقدة سينمائية فريدة من نوعها ، ربما لا تصل معها إلى التعاطف مع أى من الأطراف فيها ، وتعيش داخل حالة جدل مصبوغة بإبداع الأداء التمثيلى لشخصية الفيلم "رامون"..

فكرة الفيلم الرئيسية عن "القتل الرحيم" ، وهو تعبير طبى يرمز إلى وفاة الشخص الميئوس من علاجه بناءاً على طلب من المريض نفسه ، "رامون" لجأ إلى القضاء فى بلده لكى تسمح له السلطات بأن يتخلص من حياته ، بعد يأسه وبؤسه فى العلاج ، بالإضافة لشعوره المؤلم بأنه أصبح عالة على عائلة أخيه وابنه وزجة أخيه ، ووالده القعيد ، لكن "رامون" استطاع ان يغير من شخصيات حوله ، مثل ابن اخيه ، بعد أن أوصل إليه معانٍ لم يدركها وهو فى سن المراهقة ، كما ساعد "روز" الفتاة البائسة التى جاءت تزوره بعد أن تركها زوجها، وهى نفس الفتاة التى أحبته حبا شديداَ ، "جوليا" المحامية المتحمسة والتى قرريت التقرب من "رامون" من أجل إبعاده عن فكرة القتل الرحيم ، أيضاً تغيرت ، بعد ان تعرضت لحادث جعلها مشلولة وأسيرة كرسى متحرك ، تعاطفت معه وفهمت لماذا يرى الحياة سوداء يجب أن يضع نهاية لها ، لكنها فقدت ذاكرتها فى نهاية الفيلم ، وكأنه عقاب إلاهى لها بعد أن وعدت "رامون" بتنفيذ القتل الرحيم له ، ثم تخلت عنه بعدما طبعت كتابا عن قصته وتركته وحيداً، الكتاب الذى كتبه بفمه لإنه لا يملك غيره للحركة..

خافيير باردام..أو "رامون" فى الفيلم ..أبدع فى أدائه ، فهو أبكانى وأضحكنى وأثر فى كثيراَ وهو يمثل على سريره، طوال الفيلم، تخلى فيها عن أدوات الممثل من الحركة والأطراف ، وارتكز فقط على موهبته وبالتحديد وجهه ، الذى لعب المكياج فيها دوراً كبيراً ، فـ"جافير بردام" المعروف بوسامته ، تخلى عنها هى الأخرى وأدى دور الرجل المسن ، ليؤديه ببراعة وليثبت لأقرانه من الممثليين أن الإبداع ليس له حدود.

مرة أخرى ، الفيلم يصنع للمشاهد حيرة لميس سهلً الخروج منها ، وهى قبول القتل الرحيم ، المحكمة رفضت دعوته ، ورفضت حتى الإستماع إليه كصاحب القضية لإن "النظام" لديهم لا يسمح بذلك ،ولإن الدولة التى تحترم الحرية الفردية للأشخاص ، ترفض تنفيذ مطلبه لإنه "مضر بالمجتمع" ، فقرر رامون التخلى عن حياته بطريقة مبتكرة ، قرر أن يصور فيديو وكأنه يتحدى المحلفيين فى المحكمة ، وهو يتناول سيانيد البوتاسيوم القاتل ، ووجه رسالهة لوم لكل من رفض التعامل مع قضيته ، ذاهباً إلى حياة أخرى يشتاق فيها للبحر الذى يوجد بداخله ، ويشتاق له يومياً ، الفيلم استحق ترشيحات عديدة أهمها جائزة أفضل مكياج فى الأوسكار، غير أنه نال جائزة أفضل فيلم أجنبى فى أوسكار لعام 2005 .

بقلم : يسرا سلامة

الاثنين، سبتمبر 17، 2012

مقالات في الإلحــــــاد..مقال 2


مقالات في الإلحــــــاد ... اللقاء الثاني: الإلحاد أم الدين، أيهما بدأ أولاً؟ ، وما هي أركان

الفكر الإلحادي؟

بسم الله الرحمن الرحيم
  • قبل أن نبدأ،ـ
تلقيت بسعادة تعليقات وردود قراء المقال الأول، وسأعرض أهمها سريعاً مع تعقيب مختصر،
البسملة التي أبدا بها المقال يمكن إعتبارها جزء من الثقافة الشرقية أكثر منها كشف عن مرجعية إسلامية، فحتى غير المسلمين من الأجانب والمقيمين في دولٍ عربية كثيراً ما يستخدمون عبارات مثل "إن شاء الله" و " الحمد لله".ـ

البعض قال إن ذكري لأسماء من تأثرت بهم من الأساتذة والشيوخ دليلٌ على المرجعية الإسلامية والتي حتماً ستظهر في المقال. أحب أن أوضح أني قرأت وإقتنعت بطرح هؤلاء كما اقتنعت بغيرهم من غير المسلمين ولعل من ذكرت هم أناسٌ جمعتني الظروف بلقاء ثلاثة منهم عن قرب، ولكن هذا لا يعني أن هناك ممن قرأت لهم ولم ألتق بهم كان له أثرٌ كبير في تفكيري، أمثال السير/ أنتوني فلو ¹، الذي تحول من الإلحاد إلى الربوبية بعد 60 سنة قضاها في وضع كتب ونظريات ساهمت كثيراً في كتابات الملحدين، ولعله صاحب الفضل في إلقاء الكرة في ملعب المؤمنين بأن عليهم إثبات وجود الإله!، بعد أن كان عبء إنكار وجوده على الملحدين لقرنين من الزمان! ، ورغم هذا أنكر أحد القراء علم الرجل لمجرد أنه تراجع عن إلحاده. وقد كتب قبل وفاته كتاباً يعرض فيه لتجربته من الإلحاد إلى الربوبية إسمه "هناك إله". There is A God ²

عالمٌ آخر هو العالم الأمريكي الشهير فرانسيس كولين³ رئيس مشروع الجينوم البشري، وله كتاب شهير بإسم "لغة الإله"⁴ ، ويشغل حالياً منصب عميد معهد الدراسات العلمية بالفاتيكان. فهو بالتأكيد غير مسلم!
ولعل البعض سيتفاجأ أني قد أستشهد بما كتبه تشارلز دارون وستيفين هوكنج في كتاباتهم، ولكننا سنعرض لهذا في حينه.
نقطة أخرى أثارها بعض القراء، وهي مصطلح الإلحاد، كونه ترجمةٌ غير دقيقة للكلمة الإنجليزية
Atheism
،(A)فالكلمة حرفياً تعني "اللادينية" وليس الإلحاد، فحرف الـ
 والذي يوضع قبل بعد الكلمات الإنجليزية يفيد النفي، وكلمة
Theism
ترتبط بالأديان، فمن أين جاء لفظ "الإلحاد
الإلحاد في اللغة هو الميل عن القصد. (لسان العرب، مادة لحد). ⁵
وكلمة إلحاد إصطلاحاً هي وصف للموقف الفكري الذي لايؤمن بوجود إله واعي ذكي ومتصف بالقدرة والعلم والإرادة المطلقة (إله أو آلهة).

سؤال: لماذا لا تُستخدم كلمة "لاديني" بدلاً من "ملحد"؟

اللادينية ⁶ هي إنكار وجود الأديان، سواء سماوية أو أرضية، وهي تشمل الربوبيون (من يؤمنون بإله دون دين)، واللاأدرية، ومن أنكروا وجود الإله. وعليه فهو مصطلح يحمل في طياته معاني كثيرة، وإن كان ولابد من وجود بديل للفظ "إلحاد" في اللغة العربية، فيمكن أن يكون "اللاربوبية"، وهي إنكار وجود الإله، ولكن تبقى كلمة "إلحاد" هي الأكثر شيوعاً حتى بين الملحدين العرب أنفسهم!
فاللادينية مصطلح عام، والإلحاد خاص بمن ينكرون وجود الإله، فكل ملحد هو لاديني بالضرورة، ولكن العكس غير صحيح، فالربوبي الذي يؤمن بإله خالق، دون أن يتواصل معه بأي دين، هو لاديني، ولكنه ليس ملحد، والجدير بالذكر هنا أن السير/ أنتوني فلو، قد مات وهو ربوبي، ولكنه رفض الأديان السماوية كوسيلة تواصل بيننا وبين الإله، وإن كان قال قبل وفاته أنه في إنتظار أن يسمع صوت هذا الإله ويتواصل معه!

يبقى سؤال مثير نوعاً ما: هل وجود الإله شرط في البناء الفكري لجميع الأديان؟، بمعنى آخر: هل يوجد دين دون وجود إله؟ .. سنعرف هذا لاحقاً!

والآن إلى اللقاء الثاني، وسأحاول أن أكون مختصراً قدر الإمكان في هذه السلسلة.
==========================================

اللقاء الثاني: الإلحاد أم الدين، أيهما بدأ أولاً؟ ، وما هي أركان الفكر الإلحادي؟ 

تذكر كارين أرمسترونج في كتابها "تاريخ الإله" أن البداية الحقيقية للمنهج الإلحادي كفكر له أركان وفلسفة واضحة كانت مع نهايات القرن السابع عشر حتى القرن التاسع عشر⁷، وهي الفترة التي شهدت إنحسار لدور الدين متمثلاً في الكنيسة الغربية أمام صعود سريع لتيار العلم الحديث والتطور التكنولوجي. فهذه الفترة من التاريخ شهدت ميلاد عقول بشرية مؤثرة أمثال كارل ماركس (إقتصاد وسياسة)، و تشارلز دارون (علوم)، وفريدريك نيتشه (فلسفة)، و سيجموند فرويد (طب نفسي)، وغيرهم ممن حاولوا وضع تفسيرات علمية للظواهر الإجتماعية والعلمية والنفسية الإقتصادية، بحيث تستغني عن وجود الإله!ـ

لماذا كان هذا الإتجاه؟ الأغلب أن الموقف الذي إتخذته الكنيسة الكاثوليكية ضد معارضيها بدءاً من إنشاء لجنة لمحاربة الهرطقة في 1184م ⁸ حيث كانت تحرق من تتهمه بالهرطقة (تعبير يصف أي مبتدع في الدين بما يخالف أصل الدين كما تفهمها الكنيسة)، مروراً بالحروب الصليبية والضحايا البشرية الكبيرة التي وقعت بإسم الرب، ثم خلافاتها الشهيرة مع العلماء أمثال جاليليو وكوبرنيكوس، ممن كانت لهم إجتهادات علمية رأت الكنيسة أنها تناقض ما ورد في الكتاب المقدس.

ما الذي حدث بإختصار؟
لاحظ الإنسان ظواهر الحياة من مرض وزلازل وموت، وظواهر فلكية كدوران الشمس والقمر، وغيرها، وبحث عن تفسير لها.
قدم الدين – متمثلاً في الكنيسة الكاثوليكية – تفسيراً دينياً وغيبياً لهذه الظواهر يربطها بالإله، فهو يرسل الأمراض عقاباً لمن عصاه، ويصيب الخطاة بالزلازل والبراكين.
قدم الكتاب المقدس تصوراً عن الأرض بأنها ثابتة وهي مركز للكون، وأن خلق الكون حدث سنة 4004 قبل الميلاد، وهاجمت الكنيسة أي معارض أو مشكك لهذا التصور.
وفي المقابل بدأ العلماء في البحث ومحاولة فهم الكون والحياة ووضع تفسيرات "علمية" لها، وهنا ظهرت فكرة "إله سد الفجوات"، وهي بإختصار شديد: وضع "الإله" كسبب لأي ظاهرة يعجز العلم عن تفسيرها، وعندما يقدم العلم تفسيراً لها، نحذف الإله ونضع العلم، وهكذا حتى يأتي اليوم الذي لا يبقى وجود لـ "الإله" ليملأ أي "فجوة" علمية. ⁹

برجاء ملاحظة أن التفسير الغيبي الديني كان يجاوب في معظمه على سؤال "لماذا"، في حين أن التفسير العلمي حاول الإجابة عن سؤال "كيف".. وهذا فارق جوهري بين العلم والدين أو الفلسفة، ففكرة الغائية "لماذا" لا مجال للعلم فيها.. فمهمة العلم الحديث هي البحث عن الآلية "كيف"، وليس فهم العلّية "لماذا"..، ولكن على الرغم من هذا، تم وضع العلم مقابل فكرة الإله، فكان أي فهم لكيفية حدوث ظاهرة ما، وحتى التحكم فيها، يساوي عند البعض الإستغناء عن الدين! في حين أن فهم الكيفية لا يفسر الغائية؟!، ففهمي لكيفية حركة يدي (إرسال المخ لإشارات عصبية تصل لعضلات اليد بتتابع معين فتنقبض بشكل خاص، لا علاقة له بـ "لماذا فعلت هذا؟" هل لأضرب إنسان أم أرفع الأذى عنه؟.

المهم، مع تتابع الإكتشافات العلمية، والتي أثبتت خطأ التفسير الديني عندما حاول الإجابة عن الكيفية بتفسير بدا ساذجاً في معظمه، عندما حدث هذا فقد الناس إيمانهم بمن يمثل الدين (المفسرون)، ثم بالدين نفسه ثم بالإله!، حيث قدم العلم رؤية مترابطة ومدعّمة بالأدلة لفهم أفضل لكيفية عمل الكون والحياة، وبالتالي إنتفت الحاجة لوجود الإله، فالأمراض تحدث بسبب الجراثيم، وبحث العلم عن علاج لها ونجح، والزلازل تحدث لأسباب جيولوجية، نجح العلم في تفسيرها وفهمها، والتعامل إلى حدٍ ما مع آثارها،
ولكن العلم لم يقدم أجوبة للأسئلة الغائية أو العلّية "لماذا يحدث هذا؟".

وفي المقابل، إعتقد البعض، مثل الشاعر وليام بليك (1757-1827م) أن الدين كان سبباً في شقاء البشرية، وأنه سنّ قوانين لا تتماشى مع الطبيعة الإنسانية، وأفقد الإنسان حريته في تغيير الواقع (حيث أن كل ما يحدث هو بإرادة الإله وإختياره، فلا مفر منه!).10

وبدأ العلماء في وضع تفسير لنشأة الدين، فقال الفيلسوف الألماني شوبنهاور (1788-1860م) أن الدين صناعة بشرية لتفسير الظواهر المجهولة، ولتنظيم حياة مجموعة بشرية كيفما يرى مؤسس هذا الدين. 11
وقال الفيلسوف نيتشه كلمته الشهيرة "لقد مات الإله"! ، وإعتبر كارل ماركس أن الدين أفيون الشعوب، فهو يخدر البسطاء بأن الإله يريد لحياتهم أن تسير كما هي، وسيعوضهم في الآخرة، فما الداعي للعمل. 12

بينما قال الطبيب الشهير فرويد أن البشرية إحتاجت في طفولتها لما أسماه وهم الدين، كمحاولة من اللاوعي للوصول إلى الكمال في شخصية أبوية خارقة وكاملة ومطلقة، فكان الإله! 13

وسواء إتفقنا أم إختلفنا مع هذا الطرح، فالواضح من كلام هؤلاء أن نشأة الدين سابقة على ظهور الإلحاد!، وعندما نقول "الدين" فنعني أي منظومة دينية كما أسلفنا، فعبادة الكواكب أو الشمس، أو عبادة مئات الآلهة التي تتصارع، أو حتى عبادة أوثان من حجر، فهذا أو ذاك هو دين، ولا يمكن وصفه بالإلحاد بمعنى إنكار وجود إله؟
فكيف إذاً نشأ الدين؟

نشــــأة الديـــن 14 
هناك فكرتان رئيسيتان:
1)  فكرة التطور (من الأدنى للأعلى)ـ
  • تطور بشكل فردي (مفهوم ديني يناسب كل فرد)ـ
  • تطور بشكل جمعي (مفهوم ديني تتفق عليه مجموعة بشرية)ـ
2)  فكرة الوحي الأول (من الأعلى للأدنى) ـ

وباختصار، فأنصار نظرية تطور الأديان يرون أنه كما فسّر التطور البيولوجي نشوء الحياة والإنسان، فالتطور الإجتماعي يفسر نشوء الدين كظاهرة إجتماعية، سواء كان خاصاً بفهم كل فرد، أو إتفاق مجموعة بشرية على نمط من العبادات والطقوس.
أما أنصار نظرية الوحي الأول، فيعتمدون على فكرة "فطرة الإله"،ثم الوحي الإلهي، حيث أن هناك نزعة بشرية لعبادة كائن أسمى كليّ القدرة وكليّ العلم، ويرى أصحاب هذه النظرية أن الدارس لجميع الأديان حتى أقدمها في الظهور، يرى أن بها تعقيداً وتشابكاً لا يتفق إطلاقاً مع العقلية البدائية! وأن بها آراء لم تتكون إلا بعد تطور طويل وعميق.

فالدين حسب النظرية الأولى (التطور) هو صناعة بشرية، سواء كانت جمعية أو فردية. أما في النظرية الثانية، فهومنحة إلهية منفصلة عن الإنسان، زرعت فيه فطرة البحث عنه، وألهمته السبيل لذلك.

وينبغي ملاحظة أن أغلب الحضارات لم تخلو من معابد ومقابر! وكأن الإنسان الأول كان منشغلاً بهذا الإله؛ يحاول التقرب إليه، ويستعد للقائه في العالم الآخر!

وعليه، فنشأة الدين سحيقة وقديمة، بينما ظهر الإلحاد كمنهج فكري يقوم على إنكار وجود الإله، ظهر متأخراً جداً على مسرح التاريخ الفكري البشري.
فحتى رمز الشر في الأديان الإبراهيمية؛ إبليس أو الشيطان، لم يكن ملحداً! فهو لم ينكر وجود الإله، بل عارضه ورفض الانصياع له.

وينبغي عدم الخلط بين موقف بعض الفلاسفة كأرسطو، والذي أنكر القيوميّة (رعاية الإله لخلقه)، وبين الإلحاد، فهو لم ينكر وجود الإله، ولكنه تصوّره إله سامي عن خلقه، ولا يشغل نفسه إلا بما يليق بذاته، وهو ذاته نفسها! 15


ننتقل الآن للجزء الثاني ، وهو أركان الفكر الإلحادي.

ذكرنا في اللقاء السابق ثلاثة أركان أساسية يقوم عليها مذهب الإلحاد:
1)  معضلات فلسفية: تشمل على سبيل المثال لا الحصر أسئلة مثل:
  • لماذا يحاسبني الإله إذا كان قد خلق أفعالي؟
  • هل أنا مخير أم مسير؟
  • لم يأخذ الإله موافقتي على هذه الحياة وهذا الإختبار!ـ
  •  معضلة الجحيم: كيف تستوي رحمة الله أو حتى عدله في أن يخلد شخص في الجحيم، حتى لو قضى عمره كله في ذنوب وخطايا؟
  • ولكن أشهرها على الإطلاق "معضلة الشر"، وتعني:
 أن علم الإله ورحمته وقدرته المطلقة لا تتفق مع وجود الشر، فإن كان يعلم وجوده، ولا يستطيع منعه فهو ليس بقادر، وإن كان يستطيع منعه ولا يريد فهو ليس برحيم، وإن كان لايعلم فهو ليس بعليم، وفي كل الأحوال هو ليس بإله! وتعرف أيضاً بمعضلة أبيقور 16... ويذكر السير أنتوني فلو أن معضلة الشر كانت من أهم الأسباب التي دفعته للإلحاد منذ صغره، ووضع تفسيراً فلسفياً لها بعد إيمانه في آخر حياته بوجود إله، سنتطرق إليه في اللقاء القادم.

2)  خلق الكون: علوم الفلك والفيزياء توصلت لقوانين ونظريات لنشأة الكون وطريقة عمله، يعتقد الملاحدة أنها لا تحتاج لوجود "إله" لتفسيرها، وأشهر من يمثل هذه الجانب، عالم الفيزياء الإنجليزي ستيفين هوكنج، ووضع خلاصة فكره في هذا المجال في كتابه التصميم العظيم The Grand Design 17

3)  خلق الحياة: الفكر الديني التقليدي يقول بالخلق الخاص، ولكن العلم أثبت صحة مفهوم التطور (سنتعرض لاحقاً للفرق بين مفهوم التطور ونظرية التطور الدارويني)، وعلى مستويات عدة؛ وقدمت لذلك أدلة من علوم الأحافير، والتشريح، وعلم الجينات، وأغلب – إن لم يكن كل – الهيئات العلمية المحترمة في العالم المتقدم الآن تعتقد بأن نظرية التطور هي أفضل ما توصل إليه العلم لتفسير نشأة الحياة، ولا تكاد أي هيئة علمية تذكر أي شئ عن الخلق الخاص أوالمباشر، حيث أنه بلا أي سند علمي – حتى الآن!، ومن أشهر علماء العصر الحديث في هذا المجال ريتشارد دوكنز 18 عالم الأحياء البريطاني، والذي يصفه البعض بأكبر المدافعين عن الإلحاد ، وله عدة كتب، أشهرها "وهم الإله" ، و "الجينوم الأناني" ، و "صانع الساعات الأعمى".ـ
=============================================

وسنتحدث في اللقاء القادم عن المعضلات الفلسفية، ونُفصّل في أشهرها وهي معضلة الشر.

وشكراً جزيلاً على وقتكم،،
د. أحمد جلال


المراجع:
1)  http://en.wikipedia.org/wiki/Antony_Flew
2)  http://www.amazon.com/There-Is-God-Notorious-Atheist/dp/0061335290
3)  http://en.wikipedia.org/wiki/Francis_Collins
4)  http://www.amazon.com/The-Language-God-Scientist-Presents/dp/0743286391
5)  موقع لسان العرب: http://www.lesanarab.com/
6)  http://en.wikipedia.org/wiki/Irreligion
7)  http://www.amazon.com/gp/product/0345384563/102-3878865-9016118?v=glance&n=283155
8)  http://www.bede.org.uk/inquisition.htm
9)  http://en.wikipedia.org/wiki/God_of_the_gaps
10) http://en.wikipedia.org/wiki/William_Blake
11) http://www.friesian.com/arthur.htm
12) http://marxmyths.org/cyril-smith/index.php#marxandgod
13) http://www.freud.org.uk/education/topic/10573/freud-and-religion/ 
14) نشأة الدين – النظريات التطورية والمؤلِّهة. أ.د/ علي سامي النشَّار. دار السلام – القاهرة.
15) http://en.wikipedia.org/wiki/Aristotelian_view_of_God
16) http://en.wikipedia.org/wiki/Problem_of_evil
17) http://en.wikipedia.org/wiki/The_Grand_Design_%28book%29
18) http://richarddawkins.net/