سيدة فظة، ترتدي الأسود، تكحل عينيها لتبرزهما، وكأنها وحش احتجز مكانه بين الرجال، صوت جهوري وضح قبل اللقاء، بكل لُطف سألتها عن "أحوال الأسعار"، لتبرم شفتيها، وتلذعيني بأوصاف لم اتوقعها عن الصحفيين اللذين يلتقطوا السلبيات، الخونة، اللين يدمروا البلد، لم تستمع لي بعدها، ونهرتني وقالت لي حرفا "متجيش هنا تاني وإلا هبلغ عنك"، أدرك تماما إنها لا تفهم شيئا، لا تفهم مهنتنا، شقائنا لسنوات، قراءة الجرائد وتصفح المواقع لساعات، فقط للخروج بأفكار، تحمسنا لنقل صوت الشارع، بأدواتنا البسيطة، لا تفهم أننا نقبض الملاليم، لا نملك كارنيه نقابة، لا توجد نقابة أساسا، لا تفهم إننا لن نحدث فرقا بسهولة، ربما لن نحدث فرقا من الأساس، فقط نقوم بمهنتنا، نحن، بضغطة زر، يصبح أرشيفنا في فضاء اللاشئ، لا نملك قوة ناعمة، أو أي قوة، لا نملك شيئا، تركتها ودم اللحوم الحمراء التي تبيعها تقطر من يدها، والمارة من حولنا ينظرون في زهول، وقلبي يكاد ينخلع من قلة الحيلة، ولا أعرف لماذا بكيت حد الاحتراق في مساء هذا اليوم.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق