أول مرة تطأ قدميك أرض أى مكان يدعى فيه
الناس إلى المولوية المصرية ، ستتفاجأ بعدد الحضور ، تمما كما حدث لى عندما دخلت
"بيت السنارى" قبيل حفلة "عامر التونى" وفرقة المولوية
المصرية.
فعلى الرغم من أن الحفل فى الثامنى ، إلا أن
المكان لم يكن به موطئ قدم منذ السابعة والنصف ، كل حجز مكانه حتى من يقف فى آخر
البيت الأثرى ، الذى يشبه كثيراً البيوت التى أنشأها الفراعنة ، نقوش وزخارف تزيد
من المكان هيبة غريبة.
أكثر ما جذبنى إلى المشهد ، ليس فقط عدد
الحاضرين الذى افرغت له فاهى على اتساعه ، لكن أيضاً الطبقة التى ينتمى إليها
هؤلاء الحضور ، فأغلبهم من طبقات عالية جدا ، لملبس و ستايل أعرفه تماما ، وأجهزة
اليكترونية حديثة تتبع المنشد على المسرح حتى قبل ظهوره.
توقعت أن أرى مثل تلك الطبقة فى حفل غنائى لمطرب
أو مطربة من جيل الشباب ، لكننى ادركت أن ذلك معبر جيد عن "أزمة روحية"
يعشها الجيل - وأنا منهم - ، فكما قال الممثل الامريكى براد بيت فى فيلمه الأكثر
قربا إلى قلبى "نادى القتال" أن أزمة الجيل الحالى ليست إلا أزمة روحية
لأننا حصلنا على كل شئ ، ورغم ذلك نشعر أننا فى عزلة عن الطماننة الداخلية ، هذا
الجيل وجد فى إنشاد المولوية ما وجدته أنا أيضاً ..صفاء نفسى لا يوجد له مثيل.
فمنذ الظهور الأول للفرقة ، المنشد ويتبعه
ثلاثة من فرقته ، كل يرتدى زى يشبه زى التنورة ، لكن كل له لون موحد ، اثنين ابيض
وواحد أحمر ، لم ادرك هل هما إشارة للملكين على أكتافنا والشيطان؟ أم أن للمشهد
تفسير آخر..حركة الثلاثة لن تبدأ إلا بعد وصول الإنشاد المرافق لهما إلى مرحلة
"القشعريرة" فى أجساد مسامعنا..بدأت حركة الدوران ..من اليسار إلى اليمن
.نفس حركة الأرض.
قالت لى صديقتى الصدوقة دعاء الفولى أن هذه
الحركة تعبر عن أكثر من أمر ، حركة الارض ..حركة عقارب الساعة ..وأيضاً حركة
الطوافين حول الكعبة المشرفة ، حركاتهم ليست فقط فى اتجاه واحد ، لكنها فى سرعة
واحدة ، وتحمل تتعجب أمامه ، كيف يستطيع هؤلاء الدوران فوق الأربعين دقيقة
متواصلين فى الوصلة الواحدة ؟!
حركة أيديهم تغيرت ..مرة بجانبهم فى اتجاه
الدوران ، ومرة تشير إلى السماء فى إشارة إلى علامة التوحيد ، فى متعة صوفية
اكملتها صوت "التونى"..الذى لا أعلم من أين اتى بمثل تلك الحنجرة القوية
، حتماً أنها مسحة ربانية أكسبت صوته قوة غير أى قوة ، وتأثير غير أى تأثير.
"المولوية"..الرقصة الصوفية ذو
الأصل التركى ، والتى تأتى من أسم "المولى" عز وجل ..لا يكفى ان تقرأ
عنها ، او حتى تطاله لها مقطعاً مصوراً عبر الإنترنت ، لا بد و أن تحضرها حية ،
ترى تأثيرها على روحك وخلايا جسدك ، وتأثيرها على من حولك ، وكان سهماً أصابهم
جميعاً..ليقفوا فى مسافة بين الأرض والسماء.
يسرا سلامة
6-4-2013

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق