الخميس، يوليو 14، 2011

٣ طبقات منغير أستك

بقلم محمد رفعت
إهداء
إلى الساحرة المستطيلة اللي مسابتش حد من جيلنا ولا من ٣ أجيال قبلنا إلا وعلمت عليه
....

أي بني آدم في الدنيا أكيد بيبقى عنده أفكار مقتنع بيها - مهما كان مستواه الفكري أو الثقافي - ، وأي حد ماشي في الشارع أو قاعد في بيتهم عنده آراء هو شايف إنها صح .. وإلا مكانش اقتنع بيها

وأظن إن من طبيعة الإنسان إنه بيحاول يقنع الناس باللي شايفه ، نفسه الناس يشوفوا الدنيا من منظوره هو، حتى لو كان متطرف في الليبرلبية واحترام الرأي الآخر وكل الكلام الحلو ده

اللي فكرني بالموضوع ده موقف حصل قريب
كنا بنحضر ورشة تعليم سيناريو واتفتح الكلام حوالين موضوع أكل عليه الدهر وشرب وقضى حاجته من كتر ما بيتفتح ويتعاد فيه الكلام بين كل المهتمين بالسينما وصناعتها

وهو موضوع الرمزية في السينما
وهل السينما المفروض تكون بتحمل رسالة واضحة أو مغزى في الفيلم ، ولا الفن السينمائي يميل إلى الترميز والبعد عن الوضوح والمباشرة في توصيل الأفكار
لو انت مهتم بالسينما فأنا متأكد إنك أكيد حضرت جدال في الموضوع ده مش أقل من ١٣ مرة عالأقل

واحنا في الورشة ناس كتير قامت اتكلمت، وتقريبا كل الآراء في الموضوع ده اتقالت زي كل مرة
بس اللي انا فاكره كويس ، إن فيه حد قام سأل : لو آنا مش عاوز أوضح اللي عاوز أقوله في الفيلم أعمل أيه؟

ساعتها السؤال ده خبط في دماغي بشكل عنيف
حسيت السؤال بينفي نفسه
مش عاوز أوضح - اللي عاوز أقوله

مش الأغرب بالنسبة ليا كان السؤال على قد ما الأغرب إن فيه ناس كتير كانت حابة إنها لما تكتب سيناريو متوضحش هي عاوزة تقول ايه من الفيلم؟

مش معنى كدة إني مع المباشرة في توصيل المعنى أو إني شايف إن الفيلم لازم تبقى فيه رسالة واضحة
بالعكس
أنا شايف إن السينما بطبيعتها هي وسيلة إمتاع في المقام الأول والتاني ويمكن التالت كمان
لكن ده مش معناه إن الفيلم ميبقاش ليه معنى يوصل لأغلب اللي بيتفرجوا عليه
وحتى لو موصلش زي ما الكاتب أو المخرج عاوزين بالظبط.. بس عالأقل الناس تحس بالمغزى ده ولو بشكل مبسط جدا

غريب إن الإنسان يستخدم وسيلة زي السينما اللي هي في الأصل وسيلة جماهيرية موجهة للناس، للجمهور ، لمجموعة الصحاب اللي بيدخلوا حفلة منتصف الليل علشان ينبسطوا ، والولد والبنت اللي خارجين يوم الخميس يتفسحوا ، أو أي حد عادي بيروح السينما
غريب إن حد يستخدم الوسيلة دي علشان يكلم نفسه وبس ، آو حتى يهمس لتلاتة أربعة قاعدين في قاعة قاعد فيها ٢٠٠ بني آدم ، ومش نفسه إن الباقي يفهموا أو يوصلهم حاجة

طبعا ده في الآخر اختيار
ومن حق أي صانع سينما إنه يختار الطريق اللي هو شايفه أو حاسس إنه مقتنع بيه
ولكن بالنسبة ليا ده اختيار غريب ، وبردو مش معنى إنه اختيار غريب إنه غلط أو صح

في رأيي إن الفن مش لازم يكون شخبطة محدش فاهمها أو مجموعة من الألوان المتداخلة اللي بتعبر عن حاجات زي عمق ذات الإنسان وتفسخ هويته في عصر الانفتاح العولمي وأصداء ما بعد الحداثة
ممكن يكون ده نوع من أنواع الفن

لكن الأجمل في رأيي إن الفن يكون محسوس من جمهور واسع
وطبيعي إن الإنسان يحب إنه يأثر في أعداد أكتر ، وإن كلامه أو رأيه أو إبداعه يبقى ليه ناس تقتنع بيه وتحبه في كل مكان

أكتر ناس نجحوا في ده من وجهة نظري صناع السينما الأمريكية
اللي قدروا يخلوا أغلب أفلامهم الحلوة والناجحة واللي معظمنا حبها..كانت أفلام ليها معنى أو قيمة بتوصلها، بالرغم من ابتعادهم عن المباشرة
في الحكي أو تحويل السينما لخطبة أو مونولوج وعظي

ومن أروع الأساليب اللي قدروا من خلالها يصنعوا فيلم يجمع بين الجماهيرية الواسعة وبين عمق المعنى
فكرة الطبقات
بمعنى إن الفيلم الواحد يبقى فيه مجموعة من المستويات من المعاني اللي ممكن توصل لكل واحد بيشوف الفيلم مهما كان سنه أو ثقافته أو جنسيته
أول طبقة هتوصل للجمهور من الفيلم هي القصة الواضحة من الفيلم واللي لازم بتكون على قدر كبير من المتعة والتشويق
تاني طبقة هو المعنى اللي ورا القصة واللي بيوصل غالبا لأغلب الناس
وتالت طبقة هي البعد الفلسفي أو السياسي في الفيلم ..واللي يمكن بيوصل لشريحة أقل بكتير من الشريحتين اللي فاتوا
وبكدة الفيلم بيحطم أرقام قياسية في شباك التذاكر ويعجب جمهور كبير جدا منغير ما يكون اسمه اللمبي أو الأفيش بتاعه عليه صورة النجمة هيفاء وهبي

يمكن من أوضح الأمثلة اللي شفتها أفلام كريستوفر نولان
خاصة فيلمين
"Batman Begins" , " The Dark night"
بالرغم من إني محبتش الأفلام دي إلا متأخر أوي أوي..إلا أنهم واضح فيهم أوي فكرة الطبقات

مثلا فيلم
Batman begins
اللي بيتدور قصته حوالين بداية ظهور شخصية الرجل الوطواط ، وحياته قبل ما يكون ده، وايه الدافع اللي خلاه يتحول لكدة
قصة الفيلم أقل ما يمكن أن توصف بيه إنها لا تقل متعة عن الخروج لمدة ٣ ساعات مع بنت شبه ميجان فوكس
أما المعنى اللي الفيلم بيوصله هو كسر الخوف ، وقهر ما يخافه الإنسان
والفكرة الفلسفية اللي بيناقشها الفيلم هي فكرة تطبيق العدالة، وهل المفروض تطبيقها بالقهر ولا لأ
ودي واحدة من أعمق القضايا اللي ممكن الإنسان يفكر فيها في حياته
بالرغم من كدة مكانش فيلم للمثقفين ولا للشبيبة اللي بيقعدوا على قهوة البورصة فرع هوليوود ويتكلموا في قضايا وجودية محدش بيفهمها

من أجمل الكلمات اللي قريتها وحسيت إنها معبرة عن فكرة المزج بين النجاح الجماهيري للفيلم وبين توصيله لمعنى
كلمة كان كاتبها المخرج عمرو سلامة
هي
"الفيلم العبقري هو اللي حاطط معنى بصوص الفلسفة في ساندويتش طرفينه المتعة و التشويق، الفلسفة لوحدها تجيب حموضة و المتعة بدون معنى تجيب إسهال

ليست هناك تعليقات: