الثلاثاء، يوليو 29، 2014

"في عالم أفضل" .. الانتقام المسالم بروح دنماركية


قليلون هم من ذاقوا فعرفوا معنى الحياة، من تلمسوا مكنونها فمسهم الرضا مرات، من ساروا على الدرب دون بعض من أي شرور، اكتفوا بضحكة طفل باعثة على السعادة، ولم يلهثوا كمن حولهم على الأرض، استقاموا وبقيوا أنقياء، مثل "أنطون" بطل فيلم "في عالم أفضل".

ليس أقل من أوسكار عن جائزة أفضل فيلم أجنبي يستحق هذا الفيلم الدنماركي، الذي انتج عام 2010، لكنه يصلح لكل زمن، من الأفضل أن تعود لمشاهدته أكثر من مرة كل عام، لكي تتذكر أن الحياة هينة، وأن هناك من يصارع أكثر منك، البطل طبيب من بلد عرف بالرفاه، الدنمارك، لكنه واحد من بعثة طبية تذهب بين الحين والآخر إلى دولة في الجنوب أصحاب الملاريا والأوبئة والنزاعات أيضًا، هنا نجح "أنطون" في التقرب إلى معانى الحياة.

لكن الطبيب الملطخة ثيابه بالدماء في الجنوب، كانت أيضًا ملطخة بالهموم والمشكلات في الشمال، عندما يعود الطبيب الى وطنه، ليكتشف أن ولده في أزمة تربوية بسبب انفصاله عن والدته، يتم نهره من زملاء أشقياء في المدرسة، تدور حوله قصص وحكايات.

إن كان هناك كلمة واحدة تلخص العمل هو "الإنتقام" كما تم ترجمة اسمه ايضا بالانجليزية، فالطبيب المسالم يتعرض لموقف مؤذى، يواجه شخص يصفعه لكنه لا يرد الصفعة، يراه والده، لكنه يرزرع في ولده معنى جديد وهو أن من ينتقم هو الشخص الضعيف، نفس الرسالة التي أراد تأكيدها الفيلم على لان بطله حينما أتاه في أفريقيا مريض من المليشيات ورفض أن يمتنع عن علاجه، لإن المبادئ لا تتجزأ، العلاج للمجرمين واجب، كما أن الانتقام ليس حلا.

"في مجتمع أفضل" عمل فني عميق المغزي، لن يفهمه أولائك الباحثون عن الدماء والعين بالعين والسن بالسن على شاشات السينما، ولا المنتظرين أبطال يفرحون بمزيد من القتل، البطل هنا نجح لانه تخطى انتقامه بين صدره، نجح في كبته حين قفز الى البحر غضبا، رسالته نجحت بعدما وضعت في مقارنة مع صديق ابنه، الذي أراد أن ينتقم، وقام بصناعة قنبلة يفتك بها المجرم الذي صفع الأب.


قصة جيدة، وحبكة دون تكلف، وصورة حالمة بعالم أفضل وأكثر هدوءا من المخرجة الدنماركية "سوزن بير"، والمساهمة أيضا في كتابة قصة العمل، وأبطال مقنعون خاصة الأطفال، اتقنوا في صناعة أدوار ربما تصعب على الكبار.

مزيد من المعلومات عن الفيلم 
http://www.imdb.com/title/tt1340107/

يسرا سلامة
29 - 7-2014